وفي إحدى المرات أجرى أحد الباحثين الخالدين تجربة مثيرة على أسماك الكوردو، فأسمعهم مقاطع موسيقية من السلم الشرقي، التي تحتوي على الربع تون، كالراست والبياتي والصبا، فما كان من الكوردو إلا أن عبروا عن ضحكهم تارة، وأسفهم تارة أخرى، ولما استفسر العالم الخالد عن ذلك، أصدروا نغمات تفيد بأن لديهم في لغتهم أساليب محددة للتعبير عن بعض المشاعر الكوردية، مثل الاستسماح، الاستجداء، التغنج، الحزن، النواح... فإن كان الموقف يستدعي الغنج مثلًا، كأن تتغنج أنثى الكوردو على ذكرها، أو تتدلل الابنة على أبيها؛ تصدر ما تريد قوله في مقام البياتي بدلًا من الكُرد، وفي الراست بدلًا من العجم. أما في حالات الصراخ والعويل وندب الحال، فمقام الصبا يصبح هو اللحن المسيطر في المشهد.
هيدرا > اقتباسات من رواية هيدرا
اقتباسات من رواية هيدرا
اقتباسات ومقتطفات من رواية هيدرا أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الرواية.
هيدرا
اقتباسات
-
مشاركة من Ahmed AlSadek
-
يشتبك السيف العريض مع الهراوة، فتصده بقوة وتتقدم متفادية الكرة الحديدية، بينما يهرب المنشار الكهربائي بسرعة مبتعدًا، يلتف حول نفسه ويهم بفصل رأس كهل، ولكن المنشار يقع أرضًا ملطخًا بدماء سكين طائر، ويعود السيف العريض ليكمل المهمة التي بدأها صاحب المنشار، لكن السيف الرفيع كان أكثر دقة وسرعة، فيسقط السيف العريض أرضًا، ويتعثر فيه الفأس، الذي يهرب من فأس آخر مزدوج، فتتصيد السكاكين اللحظة الحاسمة، وتنطلق ناحية الفأسين، يسقط الفأس المزدوج بعنف صانعًا جلبة معدنية على الأرض، بينما يطير الفأس الآخر معرقلًا عمل السكاكين، التي لم تلحظ الكرة الحديدية وهي قادمة كبندول جبار، لتقوم بعملية تهشيم للسكاكين، وقبل أن تهم الكرة بتهشيم الهراوة، ينغرس السيف الرفيع من خلفها، فتسقط متدحرجة بين الفأس والهراوة والسيف الرفيع، أو الفتى والثلاثيني والكهل.
مشاركة من Ahmed AlSadek -
يرفع دانييل يديه لأعلى، ويقول "سأحكي لكم كل شيء بالتفصيل، فقط، أعطوني الفرصة" فيهدأ الجميع، وعندما تصبح القاعة في أتم حالات سكونها، يكمل دانييل "قبل مئات السنين.. وتحديدًا قبل ألف وأربعمئة سنة، طور الإنسان عن طريق العلم إمكانية، يستطيع بها أن يصبح خالدًا، لا يموت..."
مشاركة من Ahmed AlSadek -
ينفخ بودفاي ويضرب جبهته بيده مرارًا، ويقول بصوت هامس "فكر فكر فكر فكر!" يضع يده على فمه، ويمسك فكه، ينظر لأعلى ثم يتنهد وينفخ بقوة، يحرك رأسه بحدة يمينًا ويسارًا وهو ينفخ مرجرجًا شفتيه، يسعل، ينظر حوله، يراقب داجو الذي بدأ في تسلق المركبة، لحسن حظ بودفاي أن المركبة تبدو مصمتة من الخارج، ولا تنفتح أبوابها إلا من الداخل، يضع يديه على وسطه، يقوم بتعديل وضعيه ملابسه رثة المظهر، يحك أنفه، وشعره، ولحيته، يحدق بداجو الذي جلب حجرًا وبدأ يطرق به على المركبة، يقول بودفاي بصوت خفيض "ماذا تفعل أيها الأبله؟!" ترتسم ملامح غضب خفيفة على وجهه، ينحني بجذعه ويغطي وجهه بكلتا كفيه ويقول "فكر يا بودفاي، فكر!"
مشاركة من Ahmed AlSadek -
يصمت مالح قليلًا، يستجمع ذاكرته، ويشحذ أفكاره، ثم يبدأ في الشرح هامسًا "علم جدي ما قاله لي خلال الأفكار التي تناقلت عبر أجيال من أجداده، وأجداد أجداده. قال إنه كانت هناك كُتُب، أو شيء مثل هذا القبيل، والكتاب أو الكتابة هي تسجيل الأفكار برموز معينة، يفهمها الناس، ربما كشفرة ما فيما بينهم، لا أعلم تحديدًا، وأنه في سالف الزمان، كتب الله عدة كتب، سجل فيها كل شيء، عن الحياة والموت والمصير والعالم وما بعد الموت، وأنه كان مختلفًا عما نعتقده الآن، وكان جدي - كسائر الناس - يخاف أن يبوح بتلك الأسرار، حتى لا يستمع إليه أحد آيات الله، فيؤخذ، ويُقتل، أو... لا أعلم بالضبط ما الذي يفعلونه بهم"
مشاركة من Ahmed AlSadek -
"ولكني أصبحت نبيًا لهم، وابن الشمس، والمُخَلِّص الأعظم!" هكذا كان يقول بودفاي لنفسه، ويبلع من بعدها ريقه ببطء، فتصيبه غصة افتراضية في مخيلته، إذ إن أفتاره لم يكن مجهزًا لإفراز اللعاب.
مشاركة من Ahmed AlSadek -
حدث ذلك في إحدى غابات وسط أفريقيا، حيث نرى القارة بشكل رأس الفرس المقلوب، تدور راقصة في المشهد، بينما نقترب بالصورة هابطين هبوطا لولبيا نحو الجاذبية، حتى تظهر مساحات خضراء شاسعة، في مشهد صباحي مليء بالبهجة والحياة. تدور الغابة وتتراقص مع الطيور والفراشات. تقف إحدى الفراشات على عدسة الكاميرا، ونرى جناحيها البنفسجيين يتألقان تحت نور الشمس. تتحول الكاميرا بالزاوية قبل أن تصطدم بالأرض، وتطير أفقيًا للأمام بمحاذاة أحد الأنهار، تحفه الأشجار من ضفتيه، فتسبقها الفراشة من أمامها، حتى تستقر أخيرًا فوق إصبع سبابة، يظهر ضخمًا داخل الكادر.
مشاركة من Ahmed AlSadek -
لكن كلامه معها لم يكن له معنى، إذ إنه من الصعب أن يقنع خالدٌ فانيًا بجدوى الحياة...
مشاركة من Ahmed AlSadek -
يصرخ الجمع المحتشد بشدة مندهشين مما فعله الرجل الكهل، وينطلقون ليحملوا الفتى، الذي بدت على وجهه كل آيات التعجب، يكاد قفصه الصدري أن ينفتح كبوابة أوتوماتيكية، يفر منها قلبه. ووسط جلبة الجميع، يقومون بإدخاله في غرفة صغيرة، وإجلاسه على كرسي معدني، ثم يخضعونه لعملية سريعة، يقومون فيها بتوصيل بعض الأسلاك بجهازه العصبي، وإدخاله في عالم افتراضي يعيش فيه ألف سنة، حياة خالدة، يتمتع بكل ملذات الحياة، كمكافأة له لفوزه في المعركة، ولما تنتهي اللعبة في غضون بضع لحظات، يفكون الأسلاك عنه، وما إن يستيقظ حتى يصاب الفتى بصدمة عظيمة، وبعد عدة ساعات من إقناعه بأنه لم يترك مكانه سوى بضع لحظات، وتقديم العصائر له، والمهدئات، والخمور، والمكيفات، وبعض الفانيات العذارى كي يضاجعهن، فتسترخي أعصابه تمامًا... يلتفون حوله لأسابيع وشهور في دائرة كبيرة، ليحكي لهم عما حدث له من مغامرات، وما قضاه من مصاعب وأهوال ومواقف، طيلة ألف عام، داخل اللعبة. عندما يأتي بموقف ضاحك، يضحكون بقوة، وعندما يأتي بموقف قاسٍ، يبكي بعضهم بحرقة، ويطلب البعض الآخر مشاهدة تلك المقاطع التي قضاها في حياته الخالدة المؤقتة، فكل لحظة عاشها الفتى مسجلة هناك، في اللعبة.
مشاركة من Ahmed AlSadek -
ولذلك، فالعالم كله يحذر من بودين، لأنه متواجد في جميع أنحاء الكون في نفس الوقت، ومتغلغلًا فيه؛ قد يكون جارك في السكن، قد يكون ذلك الشخص الذي قضيت معه إحدى السهرات، قد يكون عدوك، وقد يكون صديقك الذي تعرفت عليه منذ عشرات السنين، قد يكون أباك الروحي الذي يبث فيك أفكاره الخاصة، وقد يكون رابطًا عقله بعقول ملايين الأشخاص دون أن يعلموا، فيستطيع أن يقرأ أفكارك، ويزرع فيها أخرى، قد يكون ظلك، وقد يكون أنت، قد يكون عبدك، وقد يكون إلهك.
مشاركة من Ahmed AlSadek -
"أهلًا بكِ أيتها الفراشة... أهلًا بكِ في صومعتي الكبيرة / هذا المكان الطبيعي الخلاب / العالم... أو الجحيم... نعم، هكذا أفضل... أهلًا بكِ في الجحيم... فلو كنت مكانك، لهربت بجلدي، أو بأجنحتي، وما تكاثرتُ أبدًا. كنت سأقيم دعوة عامة لكل الفراشات المجاورة ألا يتكاثروا، كي لا تعمل التروس التطورية من تلقاء نفسها، لا بها ولا عليها، بعد ملايين أو مليارات من السنين، فتتحولون في النهاية إلى كائنات عاقلة - لا سمح الله - مثلي، كي يأتي واحد منكم ليُعين نفسه إلهًا على بقية بني جنسه... إنها مهزلة أيتها الفراشة العزيزة... أهلًا بكِ في المهزلة."
مشاركة من Ahmed AlSadek -
هرب بودين، وعاش وسط آلاف المشردين في مدينة لوس أنجلوس، يستجدي الناس في الشوارع، يلتقط رزقه من المارة، وينام على الأرصفة، وفي محطات السكك الحديد، حتى تعلم طريقًا صغيرًا يجلب به بعض الأموال، فبدأ في بيع المخدرات في شوارع وحارات المدينة، حتى أصبح له سكن صغير، وازدادت شهرته لدى التجار، فعلا سعره، وازداد طموحه، فتعلم طريقة صنع المخدرات، شيد أول معمل خاص به، وعلا صيته، وقبل أن يتم القبض عليه، زحف جنوبًا حيث المكسيك، وشبه جزيرة باخا كاليفورنيا، التي وجد فيها ملاذه، فطور تجارته من المخدرات، إلى الأعضاء البشرية، إلى الأسلحة، وعندما أتم السابعة والعشرين، كان عدد الذين قتلهم بعد أبيه يفوق عدد البغايا اللاتي ضاجعهن في صباه.
مشاركة من Ahmed AlSadek -
"سأحقق كل أحلامي المؤجلة... سأقرأ كل الكتب التي لا أملك الوقت لقراءتها. سأتعلم كل العلوم التي أريد أن أتعلمها، ومع مرور الوقت يمكنني أن أتحدث جميع لغات العالم. سأتمكن من السفر إلى كل بقاع الأرض، والتعرف إلى جميع الحضارات. سأتمكن من تعلم كل الحِرف التي أحبها. سأجرب كل أنواع الأطعمة وكل أنواع الخمور، بل سأملك من الوقت ما يخول لي أن أخترع خمري الخاص، وأسميه بدوي بيفريدج، أو BB. سأركب جميع السيارات التي أحلم بها. سأشاهد كل الأفلام التي صنعتها البشرية، وسأستمع إلى كل أنواع الموسيقى التي أبدعها الإنسان، وربما إن هف عليّ مزاجي، أتعلم العزف على آلة أو آلتين أو ثلاث آلات موسيقية، وأحترف العزف، وأصبح في طور من أطوار حياتي الخالدة عازفًا في فيينا مدينة الموسيقى. ربما أجرب التمثيل، الرقص، ركوب الخيل، تسلق الجبال، وناطحات السحاب. سأجرب الطقوس الروحانية، تحضير الأرواح، طقوس فلسفات الزن، اليوجا، السحر، الشعوذة... سأجرب كل الأشياء المجنونة التي يمكن تجربتها في هذا العالم، أو في عالم آخر إن استطعنا - عبر التقدم التكنولوجي المطرد الذي سنكون فيه - أن نخلقه، أو نصل إليه، فنهرب من مجرة درب التبانة، ونذهب إلى أندروميدا، أو إلى النصف الآخر من الكون غير المرئي، أو إلى أي مكان آخر جديد غير جمهورية مصر العربية، ونكتشف العالم حق الاكتشاف، وعندها، سيكون لوقع ترديد تلك الجملة معنى!"
مشاركة من Ahmed AlSadek
السابق | 1 | التالي |