"قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا"
قيلت هذه الابيات على لسان احمد شوقي تقديرا للمعلم و فضله على طلابه ولم يكتف الاثر بهذه الابيات فحسب بل قيل العديد من المقولات في حقه والتي ان بدأنا الحديث عنها لن نتوقف لذا فقد اعترف احمد امين بفضل مس باور اثناء دراسته معها لخمس سنوات ولكن اثرها امتد و لم ينته بانتهاء المدة فكانت تنشئه على حب الفن و التذوق الفني و الدقة والانتباه وتلومه وتعاتبه ، ووفرت له كل السبل لهذا حتى انها قامت بتدريبه عمليا من خلال اجراء محادثات مع بعض الانجليز.
أذكر إني قرأت عن تعلمه للغة في مقال اخر وعن دراسته مع معلمة لتعلم االغة و لكنها ربما لم تكن مفصلة مثل هذه فهاهنا اختص مقاله بالحديث عنها.
وقد بحث بعدسته المكبرة في المعجم حتى توقفت عند مفهوم البطل و البطولة وما يحيط بهم من هالة و لكن لم تتوقف الكتابة عند هذه النقطة فحسب البطل يستمد معناه وقيمته من حال الأمة فهو في اليونان يختلف عن العرب في عصر الجاهلية وحتى عن عصر المدنية الحاضرة وهناك أيضا عناصر اساسية للبطل اذا فقد احدهم نزل في مرتبته إلى كونه عظيم او نابغة ولكن ليس بطلا اما طريقة صنعه و القوانين الخاصة به فالامر لازال لا يخضع لاية قوانين.
تعددت الاراء و المواقف حول كذبة ابريل و التي تميل الى دول اوروبا و لكنها جميعها حقائق ليست مؤكدة و يشير الكاتب في مقاله إلى اختصاص اول ابريل بالكذب و في هذا ظلم بين فهل البشر يكذبون في هذا اليوم فحسب و باقي العام صادقين؟! فالجميع يكذب سواء على الاخرين او حتى على أنفسهم و ابريل برئ من كذبنا.
وقد عرض مقارنة بين امم الاديان الثلاثة على لسان الانبياء و ذلك بعد ان عرفوا جيدا بالاديان السماوية و لكن كعادة البشر فقد تناسوا التكليفات البشرية و سار كل قوم في طريق الغفلة فتركهم الانبياء املا في عودتهم الى عقولهم ، كما عقد مقارنة اخرى بين الحالة المعيشية لثلاث بيوت/اسر سواء اقتصادية او اجتماعية او دينية او تعليمية و التي يمكن النظر من نوافذهم على حال المجتمع المصري اجمع ما بين الغني و الفقير والوسط اى ان هذه البيوت ماهي الا صورة مصغرة عن حال الشعب اجمع.
البعض يحدد المراحل العمرية برقمين فقط دون النظر الى المرء ككل و لكن الشيخوخة من وجهة نظر الكاتب يتم احتسابها عندما يفقد المرء شغفه وحماسته فكم من شباب بعيشوا في صورة عجائز والعكس ايضا و يسرد تناسب بعض انواع الادب مع العمر المتقدم وعدم تناسب انواع اخرى.
وقد اصابت الجميع الحيرة على مر العصور باختلافها في قضية الجبر والاختيار و في رايي ان الحالتين ينطبقا على البشر ولكن السؤال الذي يتردد على الاذهان هل هناك وجود للمصادفة ام ان هناك قوانين ثابتة تحكمنا ؟! واحسب ان المصادفة غير موجودة و لكنها تعتبر التفسير الايسر الذي نعتمد عليه كلما حدث لنا شيئا مجهول الاسباب و لكن ليس عدم ادراكنا لهذه الاسباب انها ليست موجودة.
صدر قرار في ١٩٤٩ بالغاء البغاء في مصر لتنقص الدول التي كانت تقره واحدة فالدول حاولت الوصول إلى الحل الامثل لهذه المشكلة فمراقبة البوليس لبيوت الدعارة أمر غير يسير، ففي حال اقرارها ينقص من نسبة اقلاع هؤلاء السيدات عن هذا العمل بل يصبح متاح اكثر بعد ان يتم تسجيل كل امراة تعمل في هذه البيوت ولكن في العام الذي ذكرته صدر قرار عسكري باغلاق هذه البيوت و أيضا عقوبة لمن لازال يعمل بها في الخفاء.
وقد راى الكاتب من وجهة نظره ان انتشار البغاء انما هو نتيجة و ليس سببا و بالتالي اذا اردت القضاء على الافعى فلتقطع راسها اولا اى انك تقضي على الأسباب الاقتصادية والاجتماعية قدر المستطاع.
ويسرد على مسامعنا قصة اخرى سردتها السيدة عائشة على مسامع الرسول عن جمع من السيدات يتبادلن الأحاديث عن ازواجهن فتدلو كل منهن بدلوها باسلوب بلاغي رائع بالنسبة لنا و بسيط بالنسبة لهن وبالرغم إني قرأت عن هذه القصة قبلا الا اني لم افهم علاقتها بالادب العربي إلا حين أشار إلى فكرة تخيل زوجات تذمن او تمدحن ازواجهن في عصور قادمة سواء عصر كتابة هذا الكتاب او عصر قراءتي له.
فلك ان تتخيل اختلاف البلاغة في اسلوب السرد و الحديث بين الزوجين او الافضل الا تتخيل ، ويكفي فقط ان تعرف الادب العربي كان وقتها كالعامية بالنسبة الينا فحتى الأحاديث الطريقة اصبحت ذات شأن.
وقد تعجبت لكم الموضوعات التي طرحها في مقال واحد لا يتعدى الست صفحات فمن نادي في واشنطن يسخر من الحكام و الوزراء الى النقد المهذب واسلوبه وتقبل الاخرين له بسعة صدر الى روح السماحة في الادب العربي و كذلك السماحة في تعامل الافراد والامم مع بعضها البعض ، وما ذكرته هاهنا هو ما يسمى بالخبرة القرائية لدى الكاتب فيكتب من هنا و من هناك عن موضوعات تدور جميعها حول السماحة ولكن باسلوب ممتع.
❞ وما الحرب إلى ما علمتم وذقتم
كانت الامة العربية تعيش حياة الحروب و كان الشعر هو ظل الامة يكتب فيه عن كل ما يحيط بهم وقد تنوعت الأشعار التي كتبت عنه فقيل في وصف فتى الحرب و شجاعته و عزة نفسه حتى وصفه الجسدي لم يهملوه وحرصه على الشرف كما قيلت اشعار في الاستهانة بالموت وقلة الحرص على الحياة و رغم اعتبار الجروب جزءا من حياتهم الا انهم كتبوا عن عيوبها و تمني السلم فالخسارة فيه اقل و النصر محتمل اما الخسارة واقعة و ممن كتبوا عن الحرب البحتري و زهير بن سلمي و غيرهم الكثير والكثير فخرج ما يسمى بادب الحرب.
وبرغم مرور عقود على الإستعمار الفرنسي للجزائر وتونس الا اننا نتمكن حتى الان من رؤية اثره و ملامحه في حديث اهل البلدين فمعروف عن الاستعمار نشر الامية و لكن بطريقته هو اى ان الاستعمار الفرنسي كان يرفع قلمه امام الحروف العريية و كذلك فعل الاستعمار الإيطالي في ليبيا فدائما ما يسعى الاستعمار الى خلق نسخا اخرى منهم في بلاد ليست تابعة لهم في الأصل.
❞ وأخيرًا؛ يتبجح كل هؤلاء بدعوى الحرية والإخاء والمساواة والحريات الأربع وحقوق الإنسان، كأن كل هذه الألفاظ لا مدلول لها إلا بشرط أولي؛ وهو ألا يكون المطالبُ بها عربيًّا ولا مسلمًا! والأمر لله. ❝
كتب احمد امين قبلا عن مصادر أخرى للتاريخ غير المصادر التاريخية والسياسية اهملها المؤرخين ككتب الفتاوي الفقهية واسهب في وصف دورها واثرها لما تشير اليه نحو شكل الحياة الاجتماعية وهاهنا نموذج اخر للفروع المهملة التي يجب الاعتناء بها فقد كتب الحجازي الذي عاش في اواخر عهد المماليك ديوانا عن صور من شكل الحياة الاجتماعية وقتهل فمثلا الالتفاف حول الغني وتمجيده والخضوع له وكذلك تأثير خصومات المماليك على الشعب وقتها.
وهكذا فيجب التوسع في الاطلاع على فنون الادب المتنوعة وذلك لمعرفة جميع نواحي الحياة من وجهة نظر الشاعر والناقد و الصحفي.
كتبت في مراجعتي السابقة نفس الجملة التي يتداولها الكثيرون عن ان التاريخ يعيد نفسه فاتى الكاتب هاهنا ليزيدني معرفة و علم ويوضح ان تركيب الجملة خاطئ وان تداولها اصبح يهمل معناها الاصلي و اظن اني حين كتبتها كنت افهمها بالمعنى الصحيح لها وقد اوضح التشابه بين الاحداث التاريخية والقوانين الطبيعية في ان وجود ذات المقدمات والاسباب سوف يؤدي الى حدوث ذات النتائج وذكر حدوث الثورات كمثالا لهذا فان اختفى احد أسبابها لم تحدث و اختتم مقاله ان العظة التي نستخرجها من الاحداث التاريخية تختلف ما بين الخاصة والعامة فكل يراها بمفهومه و وجهة نظره و تفكيره.
وقرأت قبلا في احد مجلدات فيض الخاطر عن تلك الطاقة ااتي تشع من المرء فاما ان تشعر بالالفة نحوه و ان روحه خفيفة او تشعر بثقل على قلبك و عدم قبول وقد اختلفت الاراء في سبب هذا الوحي او الالهام ، ففسرته الصوفية انه تجلي من الخالق حسب اسمه وقتها فينتقل لنا ذات الشعور اما الباسط او القابض مثلا ولم نصل بعد الى تفسير معين و لكننا لا ننكر حقيقة هذا الشعور والذي ينطبق على الاماكن ايضا كما الأشخاص.
كما اشار الكاتب الى احد فروع الادب المهمل في عصرنا ببغم من غزارته الادبية لدى الامم الشرقية بوجه عام و العرب بوجه خاص وقد طرح تساؤل عن اسباب غزارته في الامم الشرقية عن الغربية وعقد شبه مقارنة بين الفلسفة و الحكمة ، وتعجبت لاختلاف الحكم طبقا لاختلاف مجالات الحياة حتى شكل صياغتها مختلف فهي تظهر في اكثر من شكل
وقد استغل الكاتب ايام عيد الاضحى وقتها وكتب عن يوم الوقوف على جبل عرفة ، ذاك المشعر من شعائر الحج الذي لا يصلح الحج الا بادائه فالحج عرفة ، وقد وصف تفاصيل اليوم و مناسكه بكل دقة حتى مشاعر الحجاج وقتها الذين يجتمعون لهدف واحد وعلى كلمة واحدة
❞ اتجهوا كلهم إلى الله يزلزلون الجبل بدعائهم وتلبيتهم، قد نسوا دنياهم، ونسوا أنفسهم وتعلقت أرواحهم بربهم ❝
كما يصف حال باقي المسلمين الغير حجاج في باقي بقاع الارض وقتها باسلوب مؤثر يخترق القلوب. و يجعل جميع المسلمين يتمنوا لو نهضوا للحج في لحظتها.
وهكذا لم يكن للكاتب ان يجد ختاما لكتابه اعظم من الركن الخامس من اركان الاسلام ، الا وهو الحج وقد كتب عن خطواته بشكل مبسط و ميسر منذ الاحرام الى مكة التي كانت بداية ظهور الاسلام و حتى خروج النبي منها و اداءه لفريضة الحج ثم عودته اليها عند الفتح واداءه لحجة الوداع وقد مرت مكة بالكثير و حملا بين اركانها الكثير ثم يستمر الكاتب في الكتابة عن الحج حتى يصف النظرة الاولى التي نقع فيها على الحرم المكي (الكعبة) واستشعار العظمة وقدرة الخالق و مدى صغرنا شكلا وموضوعا بجوار بيت الله الحرام ويستكمل مناسك الحج عن أداء المناسك سواء الطواف او السعي و رمي الجمرات وحتى يصل الحاج الى طواف الافاضة ثم يتحلل من الاحرام و تكون هكذا انتهت مناسك الخج و يذهب بعدها بعض الحجاج لزيارة المدينة. .