لماذا تسخط المرأة؟ كان هذا الاستفهام الغريب أول عنوان وقعت عليه عيني من عناوين الجزء الثامن من فيوضات خواطر المبدع أحمد أمين، تملكني الفضول لمعرفة الجواب فأخللت بنظام القراءة الترتيبية المتسلسلة واستفتحت الجزء بقراءة هذا المقال الذي لم يخيب ظني كسائر مقالات هذا الأديب البارع، ثم عدت أدراجي واستدركت ما فاتني من عناوين واستكملت بعدها ما بقي... ما أمتع القراءة لذلك الرجل! عناوين شيقة، وأسلوب -على سهولته- عال رفيع... أفكار نيرة، وتعبيرات بديعة، وسرد ممتع... براعة استهلال، وحسن ختام، بينهما جودة سبك... لو كان لي أن أستعير عنواناً من عناوين مقالاته في هذا الجزء كي أعبر به عن تأثير أسلوبه الإنشائي البديع لاستعرت (موسيقى الحياة) وقلت إن أنسب عنوان لمقالات هذا الجزء هو (موسيقى الكتابة)، فكل مقال خطه بقله كأنما هو لحن عذب جادت به قريحة عازف مرهف الحس رفيع الزوق... فلله دره من أديب موسيقار! يقول في مستهل مقاله (بساطة العيش): "تعجبني الحياة البسيطة لا تعقيد فيها ولا تركيب، وأكره ما أكره التكلف والتصنع، وتعقيد الحياة وتركيبها." وكذلك أقول أنا: تعجبني الكتابة البسيطة لا تعقيد فيها ولا حشو وهي مع ذلك بليغة نافعة.. أعجبتني نظريته الطريفة عن المصريين وأظنني أوافقه عليها، وأطربتني العزة والأنفة في (كن سيدًا ولا تكن عبدًا)، وتسألت في نفسي لو كان حياً بيننا الآن ترى هل سيستدرك على مقاله (السينما والشباب)؟ أما (هل يشيخ الأديب؟) فقد ترك في نفسي أثراً لا أحسن التعبير عنه فالصمت إذن أبلغ...!
#قراء_الجرد