تبدأ الكاتبة روايتها في أول فصولها حول الأيام الأخيرة للحكم الإسلامي في الأندلس، وعلى وجه الخصوص غرناطة، آخر معاقل المسلمين والتي سلمها "أبو عبد الله محمد الصغير" لمملكة قشتالة إثر معاهدة سرية جرت بينهما، ليعيش المسلمون بعدها ذلا وقهرا وتغييرا للهوية والحضارة.
يموت "أبو جعفر" الوراق قهرا وكمدا بعد مشاهدته للكتب وهي تلتهمها النيران التي أشعلها القشتاليون حرصا على تغيير ثقافة البلاد وطمس حضارتها، يموت تاركا وراءه ستة ممن كان يرعاهم: زوجته أم جعفر، وزوجة ابنه أم حسن، وحفيديه حسن وسليمة، ونعيم وسعد الغلامين اللذان كانا يعملان عنده، والذين تدور أجزاء كبيرة من الرواية حولهم.
يحاول بعض الثوار استعادة السلطة في غرناطة، ويتناقل الأهالي الأخبار والإشاعات ويتفاعلون معها، الأمر الذي يكون في النهاية بلا جدوى حاملا خيبة أمل متكررة للأهالي.
ثم تعرج الكاتبة على حالة الانغلاق والتخلف الفكري والجهل والبهيمية التي كان يعيشها الصليبيون تلك الأوقات، والتي تمثلت في محاكمة "سليمة" ثم إعدامها حرقا.
وبمحصلتها اللغوية الواسعة وفي خضم الأحداث المؤلمة لا تنسى الكاتبة أن تصف لنا بعضا من الإرث الأندلسي البديع من معمار فني فريد، وحدائق غناء، وزخارف ونقوش، وأزقة وأسواق نابضة بالحياة.
وفي ثاني أبواب الثلاثية، ولأن الغريق يتعلق بقشة كما يقال، ستظل "مريمة" زوجة "حسن" حفيد أبي جعفر متعلقة بتفسير امرأة لحلم قد كانت رأته في المنام بأن حكم القشتاليين سيزول بعد سبع سنوات، فترتفع معنوياتها ويزداد نشاطها، وتعلو همتها في انتظار انقضاء هذه المدة، فتتابع أخبار الثوار من هنا وهناك وتستبشر بكل ما تعتقده علامة تؤكد تفسير حلمها، إلى أن تخمد ثورة جبل البشرات، فتتلاشى أحلام "مريمة" الوردية، ثم تموت وهي في طريقها إلى قرطبة بعد قرار الترحيل الذي أقره القشتاليون، تاركة ورائها حفيدها "علي" وحيدا في مواجهة الفراغ، ليعود خلسة بعد ذلك إلى غرناطة فيجد نفسه مستأجرا البيت الذي كان يعيش فيه ويملكه آباؤه، ثم بعد عدة أعوام يقرر من غرناطة الرحيل.
وفي الباب الثالث من الثلاثية يغترب "علي" عن أرض ألفها إلى أرض لم يألفها من قبل، فيعيش أحوالا متقلبة بين الحيرة أحيانا والغواية أحيانا والحب والهيام أحيانا أخرى، تجده غير فاهم لنفسه مشتت الأفكار يعيش بعشوائية بدون هدف.
يزداد سوء الأوضاع على الناس وتزداد المهانة، يثورون حينا ويؤملون على من يغيثهم ويخرجهم من الظلم والجور الذي هم فيه أحيانا أخرى فلا تزداد الأحوال إلا سوءا، إلى أن يجبر الناس على الرحيل من الأندلس كلها، الأمر الذي يرى فيه الناس صونا لما تبقى لهم من كرامة وأشرف لهم من البقاء هناك خانعين خاضعين.
تداهم "علي" الذكريات، تدور في رأسه الأفكار، يتذكر قبر "مريمة" فيقرر في النهاية البقاء مفضلا الموت على الرحيل.