قبل أن أبدأ بالقراءة كنت قد وضعت تصورا مسبقا أن هذه الرواية ستثير اهتمامي ولن أستطيع مقاومة اتمامها في جلسة واحدة. لكن ما أن بدأت بقراءة الصفحات الأولى منها حتى تغير رأيي تماماً، ومع ذلك استمررت في القراءة على أمل أن يتغير الحال وبهذه الطريقة أنهيت قراءة الرواية قبل قليل.
الرسالة التي أراد ايصالها من خلال روايته نبيلة وتعبر عن مدى تخوفه من المستقبل الذي ينتظر الشعب المصري إن استمر في العيش على نفس الحال. هل تغير الحال بعد الثورة، فلم يعد لهذا التخوف أي مكان؟ لا أعلم. لكن، أسلوب الكاتب في الإكثار من استخدام الألفاظ البذيئة وكذلك الحشو الجنسي أفقدني القدرة تماما على محاولة القراءة بمتعة. أضف إلى ذلك، استخدامه للأسلوب التقريري لسرد حقائق مرعبة عن واقع المجتمع المصري بين فصول الرواية لم يكن مناسباً؛ حيث شعرت بأنني أشاهد فاصلاً إعلانياً أنساني ما كنت أقرأه.
للأسف هذه تجربتي الأولى مع هذا المؤلف (كرواية له) لكن لن أدع خيبة أملي تمنعني من قراءة أعماله الأخرى.
فيما يلي مراجعة مُلخصة لجلسة أبجد الخامسة عشر لمناقشة رواية يوتوبيا:
بدأ النقاش بالسؤال عن الفكرة التي كونها القراء عن معنى "يوتوبيا" وما التصور المسبق الذي حمله لهم عن مكنونات الرواية. وتبين أن أغلب الحضور كانوا على علم بمعنى "يوتوبيا" كالمدينة الفاضلة التي تتحقق فيها قيم العدالة والمساواة، إلا أن الأبجدية ولاء كان يساورها الفضول عن المعنى المقصود وتوقعت أن يكون اسما لبطلة الرواية، وأن تدور الأحداث حول قصتها.
كما رأى الأبجدي أحمد أن الكاتب وفق في اختيار العنوان، لأنه أبرز بها التناقض بين التصور المفترض لأحداث القصة من عيشة فاضلة وما احتوته صفحات الرواية من وصف مخيف لوضع مجتمع كارثي.
وأثار السؤال الثاني -حول رأي الحاضرين في الأسلوب الذي اتبعه الكاتب في وصف طبيعة الحياة داخل يوتوبيا وخارجها، وعن ما إذا كان موفقاً في ايصال رسالته- نقاشاَ محموماً بين القراء، فانقسموا في مداخلاتهم إلى فريقين: الفريق الأول الذي رأى بأن اسهاب الكاتب في التفاصيل الجنسية والإكثار منها إلى جانب كثرة الألفاظ البذيئة لم تكن مناسبة بل مستفزة للغاية، وأن تصويره السوداوي والمتشائم للوضع المجتمعي كان يحمل الكثير من التهويل والمبالغة. كما رأوا أنه كان الأولى به أن يحاول النهوض بالمجتمع من خلال تصويره لمجتمع أفضل وتقديم حلول للمشكلات الحالية.
أما الفريق الثاني، فقد رأى أن الكاتب قد تفوق في أسلوبه التفصيلي والسوداوي في تسليط الضوء على الوضع المزري الحالي؛ ليدق بذلك ناقوس الخطر لدى السياسيين- الذين برأيهم هم من يتوجب عليهم تقديم الحلول لهذه المشاكل- وما على الكاتب إلا البلاغ.
أما بالنسبة لتضمين الكاتب لبعض المقتطفات الإخبارية والتقريرية -لعكس حقائق عن وضع المجتمع المصري- فقد وجد البعض أنه كان ضرورياً لإضافة بعد واقعي للمشكلة والتنبيه إلى صحة نظرة الكاتب المستقبلية. بينما وجدت منظمة الجلسة أن الأسلوب المستخدم في التضمين أفقدت الرواية جزءاً من تجانسها وتسلسل أحداثها.
ومن ثم تساءلت المنظمة في سؤالها الرابع عن رأي الحضور في هذه المقولة للكاتب "عندما تشم رائحة الدخان ولا تنذر من حولك فأنت بشكل ما ساهمت في اشعال الحريق "، حيث اتفق الجميع وبشدة مع هذه المقولة، ومع ذلك رأى الأبجدي عبدالرحمن أن هذه المقولة صعبة التطبيق في الوقت الحالي لأنه -حسب رأيه- أن من عليك ابلاغه بالحريق (أي السلطة المسؤولة) هو الذي ساهم في اشعاله.
وجاء السؤال الخامس عن "بحسب أحداث الرواية، على الرغم من التضحيات التي قدمها جابر -المثقف الفقير- لارجاع اثنين من أهل يوتوبيا الأغنياء سالمين إلى يوتوبيا، إلا أن مصيره كان القتل على يد أحدهم. هل أراد الكاتب بهذه الطريقة أن يلمح إلى عدم إمكانية تغير الطبقة الغنية واستمرارها في تكبير الفجوة بينها وبين الطبقة الفقيرة حتى يصل المجتمع إلى أسوء درجات الإنحطاط؟"هنا اتفق القراء بأن التغيير يبدأ من داخل الفرد نفسه ومن ثم محاولته لتغيير من حوله، لذا فبرأيهم أن الغني لن يتغير كليا بمجرد أن ساعده أحد الفقراء، و كذلك ينطبق الأمر على الفقراء. ولهذا السبب علّق الأبجدي عبدالرحمن بإن امكانية مساهمة الطبقة الغنية بمساعدة من الطيقة الفقيرة في ايصال المجتمع إلى هذا الحال حقيقي وهو ما حدث في مصر في الأونة الأخيرة.
وعليه تساءلت المنظمة إن كان نهاية تصور الكاتب المستقبلي والتخيلي مشابهاً للثورة التي قامت في مصر، فكان تعليق الأبجدية نجلاء بأن وجه التشابه هو أن لكل ظلم نهاية، بينما علّق الأبجدي أحمد بأن العوامل المحركة للثورة في الحالتين متشابهة وهي الرغبة في علاج هذه الظروف إلا أنه للأسف في حالة الثورة الفعلية فقد انحرفت عن مسارها وتسبب ذلك في تردي الظروف مرة أخرى.
وفي آخر الجلسة قدم المشاركون حلولاً للحيلولة دون تردي الوضع المجتمعي لهذا المستوى المخيف، فتفاوتت الحلول بين التركيز على التعليم كوسيلة للنهوض بالأفراد وبين الحلول الإقتصادية كتطبيق الحد الأدنى من الأجور وبين بدء التغيير من الفرد نفسه. بينما رأى الأبجدي أحمد أن مسؤولية الحل مشتركة وتقع على عاتق الحكومة، ولأثرياء، والمثقفين، والأفراد.