اسم الرواية: طوق عزيز
الكاتب: كمال علي كمال
معلم لغة عربية.. وكاتب وروائي ومحرر أدبي .. صدرت له روايات أشرعة الشتات ومراسم الفصح
دار النشر: سما للنشر والتوزيع.
تاريخ النشر :2024م
ملخص الرواية :
تروي الرواية حكاية شاب عادي (عزيز ) ، أحب فتاة ( راعيل ) في أيام الصبا وتعلق بها ،. لكنه لم يصارحها بحبه ، واكتفى بالنظرات اليها، ثم خطبها اعز أصدقائه ، فسافر وتغرب، ولما تحقق حلمه بالزواج من محبوبته تحولت حياته لقصة درامية جحيمية.
قد يبدو الموضوع عاديا، ولكن الموضوع ليس كل شىء في الرواية ،إنما المهم هو طريقة الكاتب في علاج موضعه وتجليته.
فموضوع أى رواية، وشخصياتها، سواء كانت واقعية أم خيالية، لا يصنع فنا ولا يخلق ابداعا، إلا بقدر براعة الكاتب فى تشكيل الموضوع والشخصيات، باتجاه فكرة أو تيمة أو معنى. يحدث كثيرا أن تكون قطعة القماش ثمينة وغالية، فيبدد قيمتها ترزيٌ فاشل، والعكس أيضا صحيح: مادة بسيطة، وشخصيات محدودة، ينحت منها الكاتب رواية مدهشة.
وهذا مانلمسه ونعايشه في أحداث هذه الرواية.
( غنى عن القول أني تجنبت استعراض تفاصيل الرواية، حفاظا على متعة التشويق التي هي من حق القراء)
عنوان الرواية :
عنوان الرواية هو أول ماتقع عليه القارىء وهو العتبة الأولى بحسب تعبير الناقد الأدبي الفرنسي جيرار جينيت وهو دليل القارئ إلى النص، وله أهمية كبيرة في تشكيل الخطاب الروائي، خاصة أنه يشكل الرسالة التي يسعى المؤلف لنقلها إلى القارئ، ومن ثم فلابد أن تتوافر فيه شحنات دلالية مكثفة، تجعله قادرا على حمل الرسائل الكامنة في النص.
وجاء عنوان الرواية " طوق عزيز " غامضا مبهما،مما يجعل عقل القارئ مسكونا بالأسئلة ،فما الطوق الذي يقصده الكاتب،وهل الطوق المقصود محمول على وجه الحقيقة،أم على وجه المجاز. ومع ذلك لم يتم الإشارة الى ما يوحيه من دلالة أو معناه عبر صفحات الرواية، وترك للقارىء الاجتهاد لمعرفة علاقة العنوان بالنص.
الشخصيات :
جزء رئيسي من جودة أي نص روائى هو التقاط الصوت الشخصي لأبطال العمل ، القدرة على تقمص الكاتب الشخصية والحديث بصوتها وفهم دوافعها حتى يتم عرضها بصورة حقيقية للقارئ ، وقد ابدع الكاتب في رسم شخصية " عزيز " بتشتتها وتفككها وتشظيها، واستطاع التغلغل داخل مكنونتها وعوالمها الداخلية ، و عالمه اللاشعوري.
ولكنه لم يعط الاعتناء الكافي لتحليل شخصية ( راعيل) ، وصبر أغوارها، واكتفى بوصفها بأن الأسماء قد تحمل الكثير من طباع أصحابها ومقدراتهم فاسم راعيل هو اسم زوجة عزيز مصر، التي سُّميت باسم راعيل بنت رماييل، ولقبها زليخا أو زليخاء . كانت زليخا من الجميلات الحسناوات، وهي من أجمل فتيات مصر، وكانت متكبرة بسبب جمالها وأناقتها.
السرد واللغة :
استفاد الكاتب من تمكنه من اللغة لتصوير مايريد من خلال لغة فصحى سلسة ميسرة سهلة التناول على المتلقى، فلا كلمة مبتذلة، ولا عبارة مسفة ، جمل مركزة وتراكيب بليغة ، مقتصدا في استخدام فائض الكلمات ،فلا إيجاز مخل ، أو إطناب ممل، فواحدة من أهم عناصر الرواية هي الاعتماد على لغة بسيطة خالية من المحسنات البديعية أو الجمل الموسيقية .
وقد استعمل (ضمير المتكلم ) في السرد ليترك لشخصية الراوي الواعي ان تنضو الحجب عن جوهرها ، بواسطة البوح والاعتراف ، وتداعي الأفكار، والمراجعة الداخلية.
مما يحسب للكاتب انه استطاع أن يصف واقعة الخيانة ، بكلمات بليغة موحية ولم يستدرج للتفاصيل أو المبالغة - وإن كانت الضرورة الفنية تسمح بذلك - ولم يستعمل لغة مبتذلة، أو كلمات بذيئة تخدش الحياء.
فبعض الكتاب وخاصة الشباب منهم،يدخلون هذا الباب لمحض الإثارة وزيادة الترويج، وهمهم لفت الانتباه وإثارة الضجيج، لا بلوغ الحقيقة التي يبتغيها الأدب الصادق.
-تناولت الرواية في أحداثها إحدى القضايا الدينية وإشكالاتها والشبهات التي حولها ، بحيادية وشفافية ، ومن منطلق ديني قيمي، استطاع الكاتب عرض الآراء والوصول الى حكم الشرع وحكمته بصورة سلسلة، لا وعظ فيها ولا إجبار ، إنما بالمنطق والإقناع .
وختاما:
طوق عزيز رواية ماتعة، لروائي يمتلك ناصية القلم،ومفاتيح اللغة، فنسج هذه الرواية بمهارة ومقدرة، رواية حميمية ، تشعر وأنت تقرأها أنها تخصنا أوتخص أناسا نعرفهم، او عرفناهم.
رواية يجتمع على قراءتها جميع الأطياف والفئات، بلا خجل ولا حياء، بما فيها من قيم وأداب .
رواية تحتاج الى الدعم والتبني، لتحتل مكانها الصحيح، ومكانتها التي تستحقها ، فهذا النوع من الأدب يستحق أن يسود ويبرز.
وأنا أدعوك لقراءتها، لتتعرف عليها عن كثب، وتستكشف ماتحمله من قيمة روائية