اقتباسات أحمد أمين

«أسامة» يقول: «إن ركوب أخطار الحروب لا ينقص مدة الأجل المكتوب.» «ولا يظن ظانٌّ أن الموت يُقدمه ركوب الخطر، ولا يُؤخره شدة الحذر، ففي بقائي أوضح معتبر، فكم لقيت من

شكا ألم الفراق الناس قبلي

ورُوِّع بالنوَى حي وميت

وأما مثل ما ضمت ضلوعي

فإني ما سمعت ولا رأيت

خالد بن الوليد: «ما ليلة أقر لعيني من ليلة تزف إليَّ فيها عرس إلا ليلة أغدو فيها لقتال عدو.»

إن ضعف الروح جعل من يحب نفسه يكره غيره، ومن يحب أمته يحارب غيرها، ومن يحب جنسه يحتقر غير جنسه، ولو قويت الروح لعممت حبها ولأحبت المبدأ والمثل، فكان ثم وفاق لا خلاف، وسلم لا حرب.

ما أظلم علماء التربية، يهتمون بتربية العقل والجسم والخلق، ولا يعيرون التفاتًا للروح، كأن الإنسان آلة صماء،

كل شيء في الحياة بارد ما لم يحرَّه الحب، وكل شيء مظلم ما لم يضئه الحب، وكل شيء تافه لا لذة فيه ما لم يشع فيه الحب؛ وصدق من قال: «الحياة الحب، والحب الحياة».

لسنا صديقين لمنفعة أرجوها منك أو ترجوها مني، وإنما أصادقك؛ لأنك أنت أنت، وما دمت أنت فأنا صديقك.

أي محلٍ أرتقي؟

أي عظيم أتقي؟

وكل ما خلق الله

وما لم يخلق

محتقر في همتي

كشعرةٍ في مفرقي

إن كان سركم ما قال حاسدنا

فما لجرحٍ إذا أرضاكم ألمُ

رب هجر يكون من خوف هجر

وفراق يكون خوف فراق

كانت الدنيا — كما قال أبو تمام — بغيره معاشًا، فأصبحت به منظرًا.

قراءة الكتاب وحفظه زيادة نسخة مطبوعة منه، والتفكير نفخ الروح في الصورة، ورد الحياة إلى الميت.

فمن ضروب توسيع النفس وسعادتها اتصالها بنفس مثلها، فقد تشعر النفس بضيق وظلام حتى تجد نفسًا تألفها، فتشعر بالسعة بسد الضيق، والنور بعد الظلمة، وتشعر بلذة التجاوب بين النفسين، والتناغم بين الروحين، وهذا هو سر السعادة في الصداقة، والسعادة في

خير مناهج التربية ما أوصل إلى الغاية من أقرب طريق، من غير أن يمل الطفل أو يتعبه مع مراعاة قواه العقلية.

إن عالمنا هذا بُني على الخير والشر، واللذة والألم، والفضيلة والرذيلة، والسعادة والشقاء، وكل منهما كأحد جانبي الوجه لا يكمل إلا بجانبه الآخر، ولا يُفهم إلا بالآخر، فمن أراد عالمًا لا ألم فيه فليطلبه في غير هذا العالم، وعلى غير

أن الإنسان يُريد أن يطبق أخلاقيته على أخلاقية العالم، فهو يُسمي بعض الأعمال رحمة وبعضها قسوة، وبعضها نعمة وبعضها نقمة، وبعضها لذة وبعضها ألمًا؛ ولكن هذه التسمية صحيحة بالنسبة له فقط وبمقياسه هو فقط، و

قال تعالى:﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ﴾؛ والكلمات في هذا الموضع ليس يُريد بها القول والكلام المؤلف من الحروف، وإنما يُريد بها النعم والأعاجيب، وما أشبه ذلك،

إن «أنا» مظلمة ظلمة السجن، ضيقة ضيق القبر، و«نحن» شاملة شمول الشمس، منعشة إنعاش النسيم، سمحة سماح الكريم.

إن «أنا» مبعث الاحتكاك والنزاع والخصام، فمتى برزت «أنا» في الميدان قابلتها «أنوات» أخرى تُعاكسها وتُحاربها، أما «نحن» فليس لها محارب

الزمن له حكمه، فالحب إن لم ينطفئ هدأ، والنار تشتعل ثم تكون رمادًا