أنهت ما طلبه منها كانت طيلةَ استغراقها في الزراعة ترفعُ رأسَها مِنْ حينٍ إلى آخر، وتبتسمُ للرّجلِ الّذي تحوّلتْ يداه إلى شريطة شَعْر وحالما دسّت الحبُوبَ في أحشاء التّربةِ، أقامت جذعَها مُتّسخةَ الكفّينِ، وقالتْ في غنَجٍ:
- يلزمُ الوردَ ما هو أكثرُ مِنَ الغرسِ يا جار.
قالتْها دُونَ أنْ تتفَادى عَينيْهِ اللّتينِ ترقُبانِها بشَوقِ مَنْ يعرفُ أنَّ وقتَهُ قدْ حان، ليزرعَ ويسقيَ، هو أيضًا، أشياء كثيرةً… أشياءَ أكثر جمالًا، مِنْ ورودٍ مُلوّنةٍ في شُرفَة.
المؤلفون > فاطمة عبد الحميد > اقتباسات فاطمة عبد الحميد
اقتباسات فاطمة عبد الحميد
اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات فاطمة عبد الحميد .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.
اقتباسات
-
مشاركة من إبراهيم عادل ، من كتاب
الأفق الأعلى
-
أخذتْ تراقصِهُ عنْ بعدٍ، وصاحبتْ حركاتِها موسيقى كانتْ ترافقُ إعلانًا لعطرٍ نسائيٍّ يُبَثُّ في التلفاز فمدَّ هو أيضًا يدَهُ خارجَ شرفتِهِ، وتظاهرَ بأنّهُ يرفعُ كفَّها برقّةٍ عندئذٍ، اسْتَدارتْ سمر، ويدُها مَرفُوعةٌ كأنَّ سليمان يمسكُها فعلًا… وظلّا يرقُصانِ في تناغمٍ يشبهُ العناقَ. من الذّوق أن يقع التغاضي عن الأخطاء في رقصة عاشِقينِ، حتّى إن كانت حركاتُهما بدائيّةً.
مشاركة من إبراهيم عادل ، من كتابالأفق الأعلى
-
في زمَنٍ يُسَمّيهِ قاطنُو أكشاكِ السّمَاءِ باللّحْظةِ الفاصِلةِ بينَ الحياةِ والموتِ، قد تصيبُكَ الدّهْشَةُ حينَ تعرفُ أنَّ لحظةً كهذِهِ لا تُهزَمُ، فلا الحياةُ قادرةٌ على تشتِيتِها، ولا حضُوري المهيبُ يبدِّدُ سطوتَها، وعلى البشرِ أن يدركوا أنّ إطالة مثل هذه اللّحظات في صالحهم، فعلى امتداد تاريخ الحبّ الطّويل لم أنزع عاشقيْن من عناقٍ راقصٍ كهذا، إلّا في مرّاتٍ نادرةٍ جدًّا، صرتُ أشعر كلّما تذكّرتُها بمعنى النّدم عند البشر.
مشاركة من إبراهيم عادل ، من كتابالأفق الأعلى
-
أُقرّ بأنّ فكرةَ القتل تُشعرني بالاشمئزاز، خاصّةً عندما يتعلّق الأمرُ بالإعدام فأنا أكرهُ أن أُجْلَب مغصوبًا لأُقابل شخصًا لا يريدني ولا أريده. وفي تلكَ اللّحْظةِ، لحظةِ الإعْدامِ وَحْدَها، أتأثّرُ بخوْفِ المحكومِينَ، دُونَ أنْ أبادِلهم الإحْساس صَحِيحٌ أنّني لستُ مكلّفًا بإصْلاحِ ما ينهارُ بعْدِي، فأنا في عَجَلةٍ مِنْ أمْري دائمًا، لكنّ هذا لا يعْني أنّني لا أندمُ مِنْ وقتٍ إلى آخر، فقدْ مرّتْ عليّ أوقاتٌ، تمنّيتُ فيها لو كُنْتُ قادِرًا على إعادَةِ مَيِّتٍ إلى أهْلِهِ، والتّراُجعِ عنِ الطّريقِ الوعْرِ الّذي بدَأْتُه. فبعضُهم يمحُو الحياةَ بعْدَهُ، ويترُكُ خلفَهُ ناسَهُ وقدِ انشغَلُوا بهِ كثيرًا، وأفرغُوا حياتَهم مِنْ كلِّ شَيْءٍ عَداه فتمُرُّ الأعوامُ، ويظلّونَ مَعَ ذلكَ مُتحلِّقينَ حوْلَ فُوَّهَةٍ عَمِيقَةٍ، كتلكَ الّتي تُحدِثُها الأجْسَامُ الصّخريّةُ الآتِيَةُ مِنَ الفضَاءِ، تلكَ الأجسامُ الّتي لا تتركُ في مكانِ سُقوطِها إلّا الفَناء. عِنْدَئذٍ، رحْمةً بهم، أُمارِسُ أقْدَمَ خدعةٍ في الكونِ… فأنسِيهم الحُزنَ القدِيمَ، بحُزنٍ جدِيد.
مشاركة من إبراهيم عادل ، من كتابالأفق الأعلى