اقتباسات تسنيم الحبيب

رغم كل شيء، كانت الوجبة شهية، والوقت يمضي بخفة، ونِثار من الأُنس ينزل على وجه اللحظات ‫ رن جرس هاتف أمها، وعرفت حنان أن المتصل والدها ‫ كانت الأم تتحدث بتلقائية ذكَّرتها بالأيام الماضية، لا تدري لماذا أحست أن شيئًا لم يتغير.

ففاطمة تحصل دائمًا على المركز الأول في حل المسائل، ولم تظهر بعد مواهبها في الرسم، ولم تحن بعد موعد حصة الإنشاء وإن كانت معلمة اللغة العربية تُظهر اهتمامًا كبيرًا بمريم، جارتها في الفصل ‫ لا بأس فكرت، لماذا تستعجل الأمور؟

فما صنعته خلال الثماني سنوات المنصرمة في مدرسة مشتركة للبنات لا يمكن تحقيقه في فترة وجيزة، لكنها ستجتهد، لتعود كما كانت، الطالبةَ المميزة في الإذاعة، وفي حصة التعبير، وأولمبياد الرياضيات، وفي حصة الرسم كذلك.

«أنا مريم». قالت جارتها في الفصل.

‫ ردت:

‫ «وأنا حنان».

‫ تذكرت صديقتها المقرَّبة ياسَمين، أحست بأنها تفتقدها، فهل تفتقدها ياسَمين أيضًا؟

‫ بدأت المعلمة تخط عنوان درس الرياضيات:

‫ «الجذور التربيعية والأعداد غير النسبية»

أعلّق القلب على مسمارين

‫ وأعد للعشرة

‫ لأعرف أيهما وطني!

فأنسج حولي خيوط العزلة، لا أبرح شقتي إلا للضرورة القصوى، أمضي يومي بطوله بصحبة الإنترنت، فيتورم في قلبي الفراغ.

يُثبتني عند الصورة الأولى القديمة، ويمحو من وعيي كل التبدلات الجديدة التي أستأصلها كما نتوءات متدرنة من ثمرة ناضجة،

الاكتفاء بالحزن ونزف الدمع يشعرني أن الكون يتعاطف معي، يشعرني أني لستُ وحشا كما يظهر للجميع،

الأشياء كلها، الثابتة والطارئة، تمتزج أمامي وتغمسني في لحظة هلامية عملاقة، فلا أنا قادر على مجاراتها بالقفز، ولا أنا قادر على السير بثبات.

وها هي ذي عودة/ بداية، محتشدة بالاغتراب، عودة تتوهني وترضخني لسؤال المرايا اللجوج:

‫ «من أنا؟».

كل الخارجين من تجارب سيئة، علاقات سامة، أو تعذيب بدني، أو نفسي، كلهم يلزمهم التحرر من إدمان القلق، تعجبت وسألتها أيعقل أن ندمن القلق؟ فأكدت لي ذلك، القلق كالكافيين أو المخدرات، يؤذينا لكن أجسامنا تصير معتادة عليه تطلبه حال خلوها منه

القلق كالكافيين أو المخدرات، يؤذينا لكن أجسامنا تصير معتادة عليه تطلبه حال خلوها منه،