اقتباسات أسامة عبد الرءوف الشاذلي

وَقَائِلَةٍ وَالدَّمْعُ سَكْبٌ مُبَادِر

‫وَقَدْ شَرِقَتْ بِالدَّمْعِ مِنْهَا الْمَحَاجِرُ

‫كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحجُونِ إلَى الصَّفَا

‫أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمُرْ بِبكَّةَ سَامِرُ

فجلست على صخرة، وأمسكت يديها وقلت: ‫ ـ اسمعي يا (أروى)، قد آمنت بأنك قدري، ولن يفرقنا سوى ذلك القدر ‫ ثم قلت في حسم: ‫ ـ يوم أن نصل إلى بكة سوف أخطبك لنفسي من الشيخ (عابر)، فإما وصال بعدها وإما فراق.

وأراد (هدد) أن يسيطر على البحر كما سيطر على البر، فأنشأ أسطولًا مهيبًا على شواطئ إدوم، وصار هذا الأسطول يجوب مياه البحر من إدوم وحتى عصيون جابر، يفرض سيطرته على كل مرفأ ويسطو على السفن حتى وإن كانت سفينة صغيرة .

وجلست إليه كي أقص عليه ما فعلته بي السنون ‫ وبينما كنت أقص عليه القصص، طاف بعقلي الوجه الأسمر الجميل، منمق الأنف والفم، الذي جاورني في الهودج، فخفق قلبي حين ذكرني بفتاةٍ سمراء، كانت بيني وبينها مغامرة في يوم من أيام الصبا، اسمها أروى

وكان صاحب الشرطة يظن أن (فلطي) جاسوس من الموآبِيِّين لولا أن أفصح (فلطي) له ببعض الحقيقة وأخبره أنه صعلوك من العبرانيين تنكر في زي تاجر حتى يحظى ببعض القربى والمال من الأثرياء، فصدق صاحب الشرطة روايته، خصوصًا بعدما أكد له أعوانه أنه ليس موآبيا

الورقة الخامسة عشرة ‫ وحان وقت الارتحال من الوادي المقدس، شَعرتُ هذه المرة بالوجْدِ لفراق المحلَّة التي مكثنا فيها قرابة العامين، وشهدنا فيها أحداثًا جسامًا، نُقِشت ذكراها في ثنايا القلب، وتَشكّل في خِضمها الوجدان ‫ طوى أبي جدران الكوخ وحَزّمها

ولا تجعلن قلبَك يبتئس ‫ اتّبِع ما تشتهي وما يطيب لك ‫ حسبما يمليه عليه قلبك ‫ قبل أن يأتي يوم مغيبك ‫ حين لا يسمع صاحب القلب الساكن نَعْيَهم ‫ ولا الذي في القبر يصغى إلى عويلهم ‫ اغتنم التمتع بيومك

استدار أبي وألقى نظرة على جبل حوريب والوادي الساكن أمامه ثم قال:

‫ ـ اللهم عجل لنا بعودة (موسى)، واحفظ بني إسرائيل من فتنة يبغيها (الشامري

ومرت الأيام وتعلمت منها أن الأحزان لا تدوم، وأن الجروح مهما غارت لا بد لها من التئام، وأن الهموم التي تولد كالجبال لا تلبث أن تجرفها موجات النسيان

‫ في ظلام السجن تتسربل الحياة في كفنٍ من السواد، يُجتزأ الوطن في حدود لا تتعدى مساحة الجسد، ويقتصر الزمن على صور من الماضي بلا حاضر ولا مستقبل تموت الحواس، فتتكيف العين مع الظلمة، والأُذنُ مع الفراغ، والأنفُ مع العطن،

بحثت عن جوهري، فأدركتُ أن جوهر الإنسان لا يحدّه جسدٌ، ولا بيتٌ، ولا وطنٌ، ولا دينٌ، ولا مذهب. فحدوده كونٌ يحيط به، ومنتهاهُ إلى خالقٍ أبدعه وأنشأه واختارَ له الأرضَ موطنًا.

سعيتُ للعيْش فردًا، فأدركتُ أن أجملَ ما في الحياة هو أن تستمرَّ الحياة. ولن تستمرَّ الحياةُ إلا إذا تقاسمتُها مع الآخرين.

سعيتُ لأن أرى أثرَ أقدامي على الأرض، فأدركتُ أن الأثرَ في النفوس أبقى وأدوم. فكلُّ أثرٍ على الأرض زائلٌ، وكلُّ أثرٍ في النفْسِ خالدٌ خلودَ الروحِ حتى تعود إلى بارئها.

أما ما تمنيتُه يا بُنيتي، ولم أدركْه، فهو العدل. فالعدلُ مُتوَهَّمٌ في هذه الدنيا، وكفَى المرءَ عدلًا أن ينصر مظلومًا، أو يردعَ ظالمًا.

العدل مُتَوَهَّمٌ، والظلم حتميّ في هذه الدنيا يا (يوسف)، وكفى المرء عدلًا ألا يتمادى في ظلمه.

لو كان في هذا النواح من معنًى لكان البكاءَ على العدل المُتَوهّم، وتذكرةً لرجلٍ خرج يروم العدل وحده فظلمَ نفسَه، ولرجلٍ آخرَ ظن أنه يقيم العدل، فقتله!

‫ - للخلاص سُبل كثيرة، وقد يُثمر المرء في العالَم، أكثر مما يُثمر في البتولية. دعيها تختار طريق خلاصها.

- للخلاص سُبل كثيرة، وقد يُثمر المرء في العالَم، أكثر مما يُثمر في البتولية. دعيها تختار خلاصها.

في القرب يتوه المرء في التفاصيل، أردت الابتعاد كي أرى الصورة كاملة.

واعلم أن أصحاب الجدل والمناظرات ومَن يطلب المنافسة في الرياسة، اخترعوا من أنفسهم في الديانات والشرائع أشياءَ كثيرةً لم يأتِ بها الأنبياء عليهم السلام، وما أمَروا بها، ولكنهم ابتدعوها وقالوا للعوامّ من الناس: هذه سُنة الرسل عليهم السلام وسيرتهم، وحسَّنوا