اقتباسات وجيه يعقوب السيد

‫ وما أروعَ إجابةَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ -رضي الله عنه وأرضاه- حين سُئِل: كم بين السماء والأرض؟ فقال: دعوةٌ مستجابةٌ.

كلنا نتعلق بأهداب الأمل، ونتسربل برحمة الله التي وسعت كل شيء

❞ فلم يقل عز وجل: وإذا سألك عبادي عني فقل لهم كذا وكذا، كما في سائر الآيات الشبيهة، وإنما قال: «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب»، أي أنا أتولى الإجابة عليهم بنفسي ودون واسطة، وهل هناك تشريف وتكريم أعظم من أن يجيب الله على سؤال عباده بنفسه دون وسيط؟ ❝

‏

❞ لكن ما بالُنا ندعو اللهَ فلا يُستجابُ لنا؟ ‫

سُئل إبراهيمُ بن أدهم رضي الله عنه:

ما بالُنا ندعو اللهَ فلا يُستجابُ لنا؟ ‫

فقال: لأنّكم عرفتُم اللهَ فلم تطيعوه ‫

وعرفتُم الرسولَ فلم تتّبعوا سنّتَه

‫ وعرفتُم القرآنَ فلم تعملوا بما فيه.

‏ وأكلتُم نعمة الله فلم تؤدّوا شكرَها.

‫ وعرفتُم الجنّةَ فلم تطلبوها، وعرفتُم النارَ فلم تهربوا منها.

‫ وعرفتُم الشّيطانَ فلم تحاربوه ووافقتموه.

‫ وعرفتُم الموتَ فلم تستعدّوا له.

‏ودَفنتُم الأمواتَ فلم تعتبروا بهم.

‫ وتركتُم عيوبَكم واشتغلتُم بعيوبِ الناس. ❝

‏

فأي الأمم أشد قتالًا؟ قال: هم أكثر من أن أصف. فراح سليمان يسأله عن الروم وصفاتهم، فقال موسى: هم أسود في حصونهم، صقور على خيولهم، حِسَانٌ في مجالسهم، إن رأوا فرصة انتهزوها، وإن شعروا بالهزيمة تفرقوا في الجبال، ولا يرون الهزيمة عارًا. قال سليمان: فأخبرني عن البربر؟ قال موسى: هم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة وصبرًا وفروسية، غير أنهم أغدر الناس.

قال سليمان يومًا لموسى بن نصير: ما الشيء الذي كنت تلجأ إليه عند الحرب؟ فأجابه موسى: كنت ألجأ إلى الدعاء والصبر.

‫ فسأله سليمان عن أفضل الخيول وأصبرها على القتال، فأجابه بأنها الخيول الشقر

لو انقاد الناس لي لقدتهم حتى أفتح بهم مدينة رومية - وهي المدينة العظمى في بلاد الفرنج - ثم ليفتحها الله على يدي إن شاء الله تعالى.

فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين، فقال: ليس هذا موضعًا يُذكَر فيه أمير المؤمنين، وإنما هذا موضع يُذكَر فيه اللهُ وحده، فسقاهم عز وجل لَمَّا قال ذلك.

موسى بن نصير بأنه كان رجلًا عاقلًا كريمًا شجاعًا ورعًا تقيًّا، كما كان بليغًا فصيحًا، يروى أن المطر لم ينزل في زمن ولايته على المغرب مدة طويلة، فأصاب الناس جدب وقحط شديد، فذهبوا إليه يستسقونه فأمرهم بالدعاء والصلاة وصيام ثلاثة أيام قبل الاستسقاء، ثم خرج معهم فاستسقى بالناس، ودعا الله عز وجل في تضرع وخشوع، وراح

واستطاع موسى بن نصير أن يبسط سيطرته على كثير من أجزائها، وأن يغنم أموالًا كثيرة وطائلة، قيل: إنه لم يغنم أحد مثلها قط، وكان موسى إذا سار إلى مكان تُحمَل الأموال معه في صناديق لكثرتها، كما كانت تُحمَل على العربات لعجز الدواب عن حملها.

مات الرافعي فانطوت صفحة من تاريخ الأدب في مصر، وانقرض جيل من أدباء العربية كان له مذهب ومنهاج، ولكن الرافعي الذي مات وغيبه الموت قد ترك وراءه تراثًا من الذكريات والآثار الفنية، ستتعاقب أجيال قبل أن يفرغ الأدباء من دراستها والحديث عنها؛

«بالانصراف إلى الصلاة وجمع النية عليها، يستشعر المسلم أنه قد حطم الحدود الأرضية المحيطة بنفسه من الزمان والمكان، وخرج منها إلى روحانية لا يحد فيها إلا بالله وحده».

«لا يعرف التاريخ غير محمد صلى الله عليه وسلم رجلًا أفرغ الله وجوده في الوجود الإنساني كله؛ كما تنصب المادة في المادة، لتمتزج بها فتحولها، فتحدث منها الجديد، فإذا الإنسانية تتحول به وتنمو، وإذا هو صلى الله عليه وسلم وجودٌ سارٍ فيها فما تبرح هذه الإنسانية تنمو به وتتحول».

«لا تضطربوا؛ هذا هو النظام. لا تنحرفوا؛ هذا هو النهج. لا تتراجعوا؛ هذا هو النداء. لن يكبر عليكم شيء ما دامت كلمتكم: الله أكبر!»

«النفس أسمى من المادة الدنيئة، وأقوى من الزمن المخرب، ولا دين لمن لا تشمئز نفسه من الدناءة بأَنَفَة طبيعية، وتحمل هموم الحياة بقوة ثابتة».

«أيها الناس، انطلقوا في الدنيا انطلاق الأطفال يُوجِدون حقيقتهم البريئة الضاحكة، لا كما تصنعون إذ تنطلقون انطلاق الوحش يوجد حقيقته المفترسة».

وكان الذي لفت نظرَه إلى هذه الموهبة هو الكاتبُ الكبيرُ إبراهيم اليازجي؛ فقد أهداه الرافعي نسخة من أول ديوان شعري له، مصحوبة بمقدمة نثرية بليغة، فظن اليازجي أول الأمر أنها ليست من إنشائه لجودتها ونضج أفكارها، فلما تأكد له أنها من إبداعه كتب يشيد به وبأسلوبه ويتنبأ له بمستقبل عظيم، والعجيب في الأمر أن الرافعي كان وقتها في الثالثة والعشرين من عمره، ومع ذلك استطاع أن ينتزع إعجاب كثير من كبار أدباء عصره،

إن الرافعي ليس من طبقة الموظفين الذين تكبلهم الوزارة بقيود الوظيفة، بل إن هذا الأديب له حق على الأمة أن يعيش في أمن ودعة وحرية، ولولا أنه رجل قنوع وزاهد، لما ظل في هذا المكان ولا في تلك الوظيفة، دعوه يعيش كما يشتهي أن يعيش، واتركوه يعمل ويبدع لهذه الأمة في آدابها ما يشاء أن يبدع، واكفلوا له العيش الرخي في هذا المكان.

قائلًا: إنكم لا تملكون مني إلا هاتين الإصبعين ساعات من النهار.

وكان الرافعيُّ شديد الاعتداد بنفسه، مؤمنًا بموهبته، ساعيًا بكل السبل لتحقيق هدفه الأسمى، دون أن يصيبه كِبْرٌ أو غرورٌ، وعُرِف عنه الشهامة والنخوة، فكان يقوم بمساعدة زملائه في العمل، ولم يُعرَف عنه تقصيرٌ أو تراخٍ في عمله، ومع ذلك لم يسلم من بعض الشكاوى الكيدية، التي تنم عن حسدٍ من بعض زملائه في العمل