اقتباسات ريم بسيوني

الدَّين 1882

‫ «فلا تسألني قبل الوقت، وتيقن أنك لا تصل إلا بالسَّير».

‫ أبو حامد الغزالي

حكوا قصة الغريق…أو المجذوب أو الشاطر حسن..قالوا في زمن مضى سأل رجلٌ صاحبه: أتعرف الطريق؟ أجاب صاحبه: أرى بحرًا مجهولًا، وطريقًا يابسًا مألوفًا هذا هو اليابس وذلك هو البحر، اختار الرجل الطريق الآمن، ولم يختر البحر فغرق.

تذكر أن الطرق في هذه الدنيا ثلاثة: طريق للتقرب إلى الله، وطريق للعيش في رضًا بالقضاء، وطريق للسيطرة على البحور وأنت يا حسن يا مجذوب فقدت الطرق الثلاثة؛ الواحد تلو الآخر مرة تلو الأخرى. فقد تركت ابنة السلطان، وانهزمت في البحور.

ثم مر حوالي أربعة قرون، وفي عام 1882 أصبح يتردد شيخ على سبيل الغارق ورافقه بعض الرجال، وبدا أن روح الشاطر حسن لم تزل تهيم في الأفق، ولم ترتح بموت المجذوب وتنبأت اليمامة بأن الشاطر حسن سيفقد السيطرة على بحر جديد.

بنى سبيلًا في المطرية، وأطلق عليه الناس سبيل الغارق، نسبة إلى المجذوب، أو الشاطر حسن كان موجودًا في المطرية بموازاة شجرة مريم بالضبط أراد أن يسكن السبيل حتى يريحه من ظمأ الهزيمة وجفاف اليأس، فمكث فيه بقية عمره، وهو يتمنى معجزة تظلل أيامه، كما ظللت الشجرة مريم.

وجازف لعل في المجازفة نهاية لثقتك وأمنك وخوفك ولعنتك.

‫ ولو خشيت الغرق، فأنت غارق لا محالة.

أقلع بسفنك إلى المجهول لعلك تصل»

في غرقك نجاتك.

‫ - ما معنى هذا؟

‫ - وفي الشرح هلاكي…

‫ تلاشى الشيخ من أمام الشاطر حسن.

‫ وبمرور الوقت فهم الشاطر حسن حجم مصيبته، ووطأة اللعنة التي أصيب بها.

سأترك لك البحث عنه.

‫ - ربما لا أمل في وجوده.

‫ - هو موجود، ولكنني لن أشير إليك بمكانه.

‫ - هل ستتركني أغرق؟

في غرقك نجاتك-

أعطيك فوق عمرك مائة عمر ستموت وتحيا عمرًا وعمرين. ‫ - لا قسوة تضاهي قسوتك ‫ - وأذكرك بانتصارات متتالية… ‫ - لن أستسلم لك. ‫ - ثم أمحو ذاكرتك..وأذكرك من جديد..ستدرك وتعجز..ثم تتعلم. ‫ - أين السبيل إلى النجاة؟

وهل لو أدركت سأنجو؟ ‫ - لو أدركت فسيمتد حزنك إلى بحر الصين ‫ - أين النجاة؟ ‫ - لو أخبرتك بمكانها فأين العقاب؟ ‫ - لا يمكن أن تعاقبني بقية عمري. ‫ - وأعطيك عمرًا فوقه لتتعلم. ‫ - و لو لم أتعلم؟

عندما تتذكر ربما تدرك، وعندما تدرك ربما تتعلم، وعندما تتعلم ربما تجد السبيل. ولو لم تتذكر، فستسعى في دنياك غافلًا سعيدًا، ثم تدرك بعدها مدي هزيمتك و مصيبتك.

ظن الشاطر حسن حينها أنه قدر جميل، أن يسترق السمع، فيسمع حديث يمامتين قالت إحداهما للأخرى: لو أكلت الأميرة، ست الحسن والجمال، قونصتي وكبدك لنجت ‫ لم يفكر حسن، وقد غلب عليه عشقه وطمعه في الفوز، فذبح اليمامتين، وهرول إلى السلطان بكبد إحداهما و قونصة الأخرى.

ولو خشيتَ الغرق فأنت غارق لا محالة

‫ ولو وثقت من قلوعك فأنت غارق لا محالة

‫ ولو سبحت سبع بحور لن تصل..

‫ أَبحر إلى البحر الذي تجهله تصل

‫ فلا عبور إلى النجاة في السُّبل التي نألفها..

ولطالما أنهك الحب أعتى الجيوش، الحب كالـمُدام، يخدعك فتظن أنك القادر على كل شيء، ثم تستيقظ على أنين عجزك وقلة حيلتك هو هكذا دومًا، لا راحة فيه، ولكنه بطعم العسل وعذوبة اللبن الصافي، فلا مفر من الغوص في عسله والشرب

أريد للحلوى أن تكون مثل هذه الزهرة، يقطفها الناس ليتمتعوا بلونها وملمسها ورحيقها، ثم يبتلعونها فتصيبهم النشوى كما بين العشاق عند اللقاء. وكانت القطائف، ما لا يفرق بين الفقير والأمير هو السكر والقمح لو مزجت بينهما تشبع جوع الفقير، وطموح الأمير.

جوهر عرف كل شيء عن أهل مصر قبل المجيء، ثم بعد الدخول. جمع العامة والعلماء وأعطاهم ميثاق أمان، لهم حرية العقيدة والعيش، أتعرف يا أمير؟ المصري يُقدر حريته حق تقدير. ولكن للقادة بعض الألاعيب.

لماذا يحتاج الرجل إلى امرأة سهلة وبسيطة؟ ما يحتاج إليه هو مختلف. يحتاج إلى ضعفها وهي بين أضلعه، وقوتها وهي بين الناس.

كانت امرأة على ملاءة بيضاء وسرير ضيق تنزف حتى الموت. امرأة مثلها مثل أم خالد وشيماء وصفاء وليلى ولبنى ومايسة والكثيرات.

⁠‫تحتها ملاءة بيضاء، وفوقها ملاءة بيضاء. امرأة لا أكثر.

ما أَشْقَى المرأة وسط الفقر والفساد والإحباط والخوف. ما أشقاها!

كانت دكتورة هناء تقول دائمًا لطلابها: الرجل في بلدنا يحتاج إلى عملية تجميل لإزالة كل الزوائد والأفكار المتخلفة والتربية الخاطئة