اقتباسات مجموعة من المؤلفين

ألا ترين أننا شعبٌ يعيش تحت أسماء ثلاثة لا رابع لها: شهيد، وأسير، وفقيد؟!

أجابته بصوت مكلوم: ‫ - الموت في كل مكان في العالم، وليس هنا فقط الجميع سيموت يومًا ما ‫ - تقولين هذا وأنتِ تبكين؟! ‫ - نعم أبكي أبكي عائلتي، ليس لموتها ولكنْ لفراقها، وشتَّان بين الاثنين؛ أما الموتى فهم شهداء.

يَمَامَةٌ بَيْضَاءُ

‫ بقلم: صَفاء مُتولي

‫ نظرَ إلى السماء وعلى وجهِه ابتسامةٌ بيضاءُ صافية، على عكس السماء السوداء على غير عادتها جرَّاء الدخان الذي ملأها، فحوَّل لونها الأزرق إلى الأسود،

أتربة تملأ السماء، وركام يملأ الأرض، وصرخات مكتومة.. وأطفالٌ تائهون يبحثون عن أمهاتهم بأعين زائغة.. أردتُ أن آخذهم جميعًا بأحضاني.. أخبئهم من هذا كله.. و لكن كيف، وأنا نفسي أختبئُ بزوجي؟!

وديالا التي تكبرها بأربعة أعوام وهي تتوسل لي أن آخذ دُبَّها البني المفضل، وتعلل إصرارها عليه بأنها لا يمكنها النوم بدونه. ‫ تُرى إذا فقدَتْني سيمكنها النوم بدوني؟ ‫ أو إذا فقدتكِ سيمكنني النوم بدونكِ؟ ‫ هل يُمكنني النوم بلا أحد منكم؟

تركت أختي وزوجها البلاد دون عودة، وتطوَّع أخي مع المقاومة ولم أره من حينها؛ فمن الظلم والقهر تأتي المقاومة والثأر ‫ لم أكن أعلم أن قلبي يستطيع تحمُّل هذا المقدار من الألم. ولكنه تحمَّل وعاش وتعايش ‫ هيا، لا بد أن نرحل ، قال زوجي.

قبل أن يأتي أولادي إلى هذا العالم المريض، كنا نتجمع على طاولة واحدة: أختي وزوجها، أنا وزوجي، أمي وأبي وأخي الصغير الذي لم يتزوج بعد. بدون مقدِّمات أو أسباب اعتقلوا أبي، فلديهم كل الصلاحيات ويستطيعون فِعل كل شيء. ‫ حينها مرضت أمي حزنًا على أبي و ماتت

رجال غزه أقوياء وشجعان وبواسل مثلما تقول نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يمنعهم من التحدث عن خوفهم على ذويهم.. على أولادهم وزوجاتهم وأموالهم ....

في غزة كان الأمر أبشع بكثير مما رأى في التلفاز ووسائل الإعلام المختلفة. كان حجم الدمار كبيرًا، وحجم المآسي وعددها أكبر بكثير. كانت كارثة إنسانية بكل المقاييس. جريمة أخرى بشعة من جرائم الكيان المحتل الحقير تطهير عرقي. عائلات كاملة أُبيدت .

أما تيم فأخذ يهزُّ أمه ويصرخ:

‫ - لا تروحي يا أما. لا تروحي. بدي إياك.. بدي تيم.. بدي ليلى.

‫ كفَّن صالح أمه وأخته ودفنهما،

حِصَارُ المَوتِ

‫ بقلم: أُمنيَّة شَفِيق

‫ قطاع غزة - عصر السابع من أكتوبر ٢٠٢٣

‫ انتهت أم صالح من إعداد طعام الغداء، وأخذت تنادي على ابنتها ليلى التي تبلغ من العمر ستة عشر عامًا حتى تضع الطعام على الطاولة،

(فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).

‫* * *

بسم الله الرحمن الرحيم: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ الله الذين آمنوا و يمحق الكافرين

كيف نام العالم وهو يعلم ما يحدث في غزة؟! واليوم قذف جيش الاحتلال 6000 قنبلة، واستشهد 2700 شهيد بينهم 700 طفل، 400 سيدة و9 صحفيين..55 عائلة أبيدت بالكامل، و10000 مصاب، والأعداد في زيادة.

زوجه المراسل وائل الدحدوح استُشهدت وكذلك ابنه محمود وابنته شام.

‫ كريم: أتعلم كيف حدث ذلك؟

‫ الطبيب: إثر غارة جوية ضربت مخيم النصيرات للاجئين، حيث نزحوا إليه معتقدين أنه مكان آمن لهم للإقامة فيه.

17 من أكتوبر قصف الاحتلال مستشفى المعمداني، مستشفى للأهلي العربي، لحظة حبس فيها العالم أنفاسه ليستوعب ما جرى. قصف غير مسبوق تزامن مع قطع شبكات التواصل والإنترنت بشكل كامل.

‫ المستشفى أصبح بحاجة إلى مستشفى. الوضع كارثي. في المستشفى.

لا ترجُ ردًّا فأهل الود قد راحوا ‫ ولترحم الدار لا توقظ مواجعها ‫ للدار روحٌ كما للناس أرواح ‫ الحقيقة أن الوضع يمكننا أن نطلق عليه "من أهوال يوم القيامة" مقابر جماعية ‫ رأى كريم المسعفين يبكون من هول المشاهد.

وفي صباح يوم (9 أكتوبر) قررنا الذهاب إلى مسجد السوسي والعودة ثانية إلى المستشفى، وقبل الذهاب علمنا بتدميره هو ومسجد البورنو ومقتل 70 شهيدًا. مجزرة حقيقية، ثم دمرت قوات الاحتلال شركة الاتصالات الفلسطينية.

‫ أيام من القصف والمجازر التي يصعب تخيلها.

قبل السفر ببضعة أيام اعتقلتني قوات الاحتلال، وتم سجني لمدة 7 سنوات، (ثم قال مازحًا): ذلك عام 1988، لم تكن وُلدتَ بعد يا كريم ‫ كريم بحماس: ولما تم سجنك؟ ‫ وائل: ولماذا تم سجن الطفل أحمد مناصرة؟ ولماذا تم وضعه في سجن انفرادي.

"يا يمه في دقه ع بابنا ** يا يمه هاي دقة أحبابنا

‫ يا يمه هاي دقة قوية ** يا يمه عشاق الحرية"