اقتباسات خالد حسيني

‫ ـ انظري إليَّ يا مريم.

‫ ونظرت مريم بعد تردد.

‫ قالت «نانا»:

‫ ـ افهمي هذا الآن وافهميه جيدًا يا ابنتي: مثل إبرة البوصلة التي تشير إلى الشمال، فإن إصبع الرجل تجد دائمًا امرأة. دائمًا. تذكري هذا يا مريم.

❞ عندما تكذب، تسرق حق شخص في معرفة الحقيقة». رحيم خان على الهاتف، يخبرني أن ثمة طريقة لأعود صالحًا من جديد: «طريقة لتعود صالحًا من جديد» ❝

«هكذا يتعامل الأطفال مع الخوف. ينامون».

«كم يبدو الحب صافيًا، ثم يقع البلاء»!

في النهاية، يفوز العالم دائمًا. هكذا تسير الأمور!

كنت أحب بابا، في أغلب الأوقات، لدرجة العبادة، أما في تلك اللحظة، فقد تمنيت لو أفتح أوردتي وأصفي دماءه الملعونة من جسدي.

هناك إثم واحد فقط، وهو السرقة… عندما تكذب، تسرق حق شخص في معرفة الحقيقة.

لسوف يرجع يوسف إلى كنعان، لا تحزن

‫لسوف تصير العشش جنَّات ورد، لا تحزن

‫وإن جاء طوفان وأغرق كل ما هو حي

‫فنوح دليلك في الطوفان، لا تحزن

لسوف يرجع يوسف إلى كنعان، لا تحزن

لكن الآن، بالطبع، فات الأوان. ربما يكون ذلك مجرد عقاب لقساة القلوب، ألا يفهموا إلا بعدما يصبح التراجع عن أفعالهم مستحيلًا.

كانت مريم تعرف أن الحياة، على الرغم من اللحظات الجميلة، لم تكن منصفة معها. لكنها وهي تمشي آخر عشرين خطوة في حياتها، لم يسعها إلا أن تتمنى مزيدًا منها.

تلك الحياة التي تصر على أن نحمل حزنًا فوق حزن، أحزانًا تستمر طويلًا بعد أن نصبح غير قادرين على تحمل المزيد. لا. أعتقد أنني سأودع الحياة بسرور عندما يجيء أجلي.

«مثل إبرة البوصلة التي تشير إلى الشمال، فإن إصبع الرجل تجد امرأة دائمًا. دائمًا. تذكري هذا يا مريم».

لم تكن ليلى تصدق قطُّ أن الإنسان يمكن أن يتحمل هذا القدر من الضرب، بهذه السفالة، وبهذا التكرار، ويظل قادرًا على أداء وظائفه.

وللمرة الأولى، لم ترَ ليلى في الوجه الماثل أمامها وجه غريم، بل وجه أحزان مضت بلا شكوى، وجه أعباء حُملت بلا احتجاج، وجه قدر قوبل بالاستسلام والصبر.

تغمرها الذكرى وتسرق أنفاسها.

‫ لكنها تمر. اللحظة تمر. تتركها خاوية، لا تشعر إلا باضطراب غامض.

دس طارق المسدس في بنطاله الجينز. ثم قال شيئًا محببًا وفظيعًا في الوقت نفسه. قال:

‫ ـ من أجلك، سأقتل به من أجلك يا ليلى.

يصدح صوت المؤذن، فيضع «المجاهدين» بنادقهم جانبًا، ويولون وجوههم شطر الغرب، ويصلون الفجر. ثم تُطوى سجاجيد الصلاة، وتُحشى البنادق، وتطلق الجبال النار على كابل، وتطلق كابل النار على الجبال،

ابتسم للذكرى.

‫ ـ كانت لها تلك الضحكة. أقسم إنني تزوجتها بسبب تلك الضحكة يا ليلى. ضحكة مدمرة. لا يمكنك الصمود أمامها.

أصبحت ليلى تفهم أن الأولاد يتعاملون مع الصداقة مثلما يتعاملون مع الشمس: وجودها أمر لا خلاف عليه، لكن أفضل طريقة للاستمتاع بأشعتها هو عدم التعرض لها مباشرة.