ليس من عادتي تناولُ رواية لا أعرفها، والشروع في قراءتها مباشرة بلا حثّ مسبق أو توقع.
ربما فعلت ذلك في غير الروايات، لكنني أُعامل القصص الطويلة بحذر، ولا يمكن ان أغامر ببذل وقت القراءة الثمين على رواية لا أتصوّرها ولو إجمالًا.
من حسن حظي هذه المرة أنني نسيت القاعدة.
فلمّا كنت أبحث عن الكتابة وأخبارها ومن تكلم عنها في اليوتيوب، رأيت الكاتبَ الأديبَ غزيرَ الإنتاج @AymanOtoom أيمن العتوم يتحدث عن الكتابة وأدبها وذكرياتها.
أعجبني حديثه. ثم ببساطة دخلت تطبيق "أبجد" وكتبت "أيمن العتوم".
مُلئت الشاشة بعناوين كتب، ظننتُ أنها تحمل في طيّاتها قصصًا أبعدَ مما يتبادر إلى ذهنك عندما ترى أغلفتها.
تنقلت بين الكتب بتراخٍ. أثارني عنوان لافت
"يسمعون حسيسها"!
فإن كان أهل الجنة في الآخرة -جعلنا الله منهم- لا يسمعون حسيسها فما بال هؤلاء القوم يسمعونه!؟
مباشرةً أخذت أتلو روايةً لا أعرف عنها شيئًا. ولم أدر أن هذه القصة حظيت بزخم وشهرة كبيرين، وكانت علامة من علامات "أدب السجون".
سأرجعُ بكم خطوةً قبل ذلك.
أنا شخص لا تناسبه كثيرٌ من الروايات.
فإذا تمهّلت فيها وطالت مدة قراءتي لها، تفلتت مني أحداثها، وبردت حرارتها وأحسست أن شوقي لها قد تبدد.
وربما تهت خلالها، أو ضيّعت تفاصيلها.
حتى إنني قد أسهو عن اسم بطل من أبطال الرواية، وأخلط الحابل بالنابل. يكثر ذلك في الروايات المترجمة إلى العربية.
كنت مستحضرًا لهذا الأمر، وأنا أقرأ القصة.
انتبهت وحصرتُ ذهني فيما بين يدي وقررت أنني سأقرؤها في أقصر وقت ممكن.
لقد كانت صدمة!
هذه الرواية وثيقة معاناة الكبرى. كتلة من الألم تسيلُ دمًا أحمرًا قانيًا، تنفث فيه شياطين الأنس، ويضحك على منظر انثعابه شيطان الجن الرجيم، وإبليس جهنم الأكبر!
مؤلمة، مُبكية، محزنة، مُمِضّة مُمرضة. تزدحم فيها أبشع العواطف فتنقتل الرحمة والتفاؤل من قبل أن تولد!
في ليلة من الليالي، قرأت منها قدرًا قبل أن أنام.
فذهب عني النعاس وأَرِقت ليلي كله! لا أُخفيكم، شعرت بخوف غامض لا أعلم تفسيره!
روايةٌ ستؤلمُك وتحزُنك. أراهنك أن قلبك سينقبض، وأنّ شهقة بكاء مرتعشة ستقفُ على طرف شفتيك.
قصة تفعل ذلك بنا وهي حبر على ورق!
فكيف بمن عاشها وذاق غُصص عذابها!؟
أشكر الله على جزيل النعمة التي نعيش فيها 🤲🏻
لقد قرأتُ خبر أُناس لا ينعمون بما تنعم به "كلاب الشوارع" من الأمان والخير. ولا أقول ذلك على سبيل المجاز، بل هي الحقيقة، أو دون الحقيقة. حسبنا الله ونعم الوكيل.
لن أتكلّم عن تفاصيل القصة، يكفي ما قرأته منها 💔