اقتباسات من رواية ميكروفون كاتم صوت

درسا على مقعد واحد في مدرسةٍ رسميّة، نالا فيها الدرجات الأقصى والمعرفة الأدنى.

مضى يتأمّل أباه بصمت هاله كيف صار بهذه السرعة شبيهًا به! قد ذهب في الاتّجاه المعاكس، فكيف أصبح وإيّاه على الطريق نفسها؟ كلاهما اليوم بلا طموح، بلا مستقبل، يعيشان من دون أصدقاء، يخافان المختار، ولي نعمتهما، والله والزعيم ماذا لو كان أبوه، في شبابه، نسخة عن سلطان القديم؟ ماذا لو كان شابًّا طموحًا، يودّ اكتشاف العالم مثله، لديه أصدقاء وحبيبة خلّابة كوداد؟ ماذا لو كان الرجل الصامت أمامه نقيض ما هو عليه اليوم؟ ماذا لو أنّه فعل كلّ شيء، حتى يهرب من المقبرة لكنّه لم يفلح، أسوة به، لأنّ الفخاخ التي تنصبها الحياة أكثر من تلك التي ينصبها الموت راعه أنّه لا يعرف أباه، تساءل كيف يمكن للمرء أن يعيش بهذا القدر من القرب من شخص لا يعلم عن ماضيه شيء

لم يخسر كلّ شيء بعد، فما دام يملك صوته، فهو يملك كلّ شيء.

أنّنا كبشر لا نعرف كم نحن محظوظون وسعداء إلّا حين تنقضي اللحظة، حين ننظر إلى الوراء متحسّرين على ماضٍ لن يعود.

شرع منذ مدّة بالاطلاع على أشهر الروايات العالميّة، بغية تعلّم تقنيّات السرد. إذ عنّت على باله كتابة رواية تاريخيّة.

إنّ الدعارة هي الصمت، لا بيع الجسد، لأنّ الصمت مرداف لبيع الروح.

"كلْ ما كتر كمْ الأفواه، كلْ ما تضاعفت المكبّرات على العواميد والأبنية!

البشر يبقون أحياء ما داموا يعيشون في ذاكرة الناس.

عهر الحياة أقوى من عفّة الاسم.

"السماء مقبرة وهذه النجوم متوفاة"

"شمْ ريحة المدينة حتى تعرف نعمة المقبرة".

"ناس ميسورة وناس معسورة! ناس عندها عرس على شط البحر وناس تايهة بعرضو".

"لا أحد يضع أبناءه في قارب موت إلّا إذا كان البحر أكثر أمانًا من الوطن"

وبما أنّ الزمن يمحو الذكريات السيئة بقدر ما يضخّم الذكريات الجميلة، وهي خدعة لولاها لتوقّفنا عن حبّ الأوطان،

الذين يعيشون على مقربة من الموت لا يخشونه.

فمعظم الأشياء تبدو جميلة بالنظر إليها عن بعد، حتى وإن كانت مكانًا موحشًا كوطنه.

‫‏مدينتي مقبرة كبيرة،‏

‫‏يحكمها مذياعٌ للموتْ،‏

‫‏ما أكثر مكبّراتها،‏

‫‏وما أضعف فيها الصوتْ..‏

سالت دموعها، فكّرت كيف لمن تحبّنا أن تكون بهذه القسوة؟!

منذ بضعة أيام، انتبه إلى أنّه لم يعانق أباه في كلّ حياته، هو الذي شاهد مئات الأبناء يجهشون بالبكاء كالأطفال فوق أضرحة آبائهم، اقترب منه كي يحتضنه قبل فوات الأوان، لكنّ النفور تملّكه مجدّدًا؛ شعور غريب! أتخنقه رائحة الدخان؟ أم يخنقه استسلامه المخزي لإرادة الحياة؟ أم صمته الذي لا يُفسّر؟

مدينتي مقبرة كبيرة،‏

‫‏يحكمها مذياعٌ للموتْ،‏

‫‏ما أكثر مكبّراتها،‏

‫‏وما أضعف فيها الصوتْ..‏