"السعادة الواقعية.. وصفة منطقية لحياة أفضل"
حينما أسمع كلمة "سعادة" دائمًا أتذكر مقولة الفنان الراحل إسماعيل ياسين:"كلنا عايزين سعادة.. بس إيه هي السعادة" ورغم بساطة هذه الكلمات إلا أنها معبرة للغاية، فالسعادة كلنا نطمح لتحقيقها، لكن ما هو تعريف السعادة الحقيقي؟ وهل يختلف مفهومها من شخص لآخر؟ وهل هي ضرورية لهذه الدرجة أم هناك عوامل أقوى هي من نعيش من أجلها؟
تساؤلات كثيرة تدور في الذهن مرتبطة بالسعادة، قدّمها هذا الكتاب وناقشها ببساطة واحترافية شديدة، استطاع توسيع المدارك في أكثر من اتجاه والبدء في كيفية تطبيق أسلوب جديد يتماشى مع طبيعة الحياة اليومية دون مبالغات أو مثالية زائفة.
الكتاب مقسّم إلى خمسة أجزاء في رأيي:
الجزء الأول: تعريف واقعي للسعادة
يقدّم هذا الجزء مفهومًا شاملًا للسعادة، مسلطًا الضوء على بعض المصطلحات التي نعيش وسطها دون أن ندركها مثل "السعادة النموذجية"، ويبدأ في مناقشة الأمور الحياتية وتعلقها بالرضا النفسي.
الجزء الثاني: تجاوز عقبات الماضي.
يعرض كيفية التخلص من الأزمات، مشيرًا إلى فوائدها الإيجابية وكيفية الاستفادة منها.
الجزء الثالث: الإعداد لمستقبل أفضل.
من أقرب الأجزاء لقلبي في هذا الكتاب، ويتناول كيفية التعامل مع الفشل، ومهارات التخطيط، وأهمية تقسيم جوانب الحياة دون الخلط بينها، فليس من الضروري ربط إخفاق في جانب بضياع الباقي، وأكد على ضرورة أن يكون الفشل مؤقتًا، محدود التأثير، لا يتعلق بشخص دون آخر، إلى جانب مناقشة فكرة ربط السعادة بالأهداف ولماذا لا يشترط أن تكون سعيدًا بعد تحقيق أهدافك.
الجزء الرابع: إيجابية الموت.
كلنا لدينا خوف طبيعي من هذه الحقيقة التي لا يوجد سواها، لكن الملفت في هذا الجزء هو كيفية رضا وقبول هذه الحقيقة، وتسخير كل ذلك من أجل حياة أفضل، وليس من أجل التشاؤم أو التخاذل.
الجزء الخامس: السعادة في الزواج وبعد الطلاق.
يتناول كيفية تقديم معاني الحب، والتأقلم على ظروف الحياة بعد الطلاق، وتجديد رغبة البداية للوصول لرضا وتقبّل عاطفي، فهذا احتياج مشروع وفطري مهم لأي إنسان، وكما ذكر في الكتاب: "التأثير النفسي للمسة صادقة أعظم من شرح مجلدات فكرية كاملة"
الكتاب أسلوبه بسيط ومشوّق، ويوسع الآفاق في أكثر من مجال من الطب النفسي، والفلسفة. يقدم المعلومة ويعرض الإحصائيات ومختلف وجهات النظر، إلى جانب رسومات (كاريكاتير) قمة في الروعة والجمال تضيف بهجة خالصة، وتلخص أقسام الفصول.
كتاب يناسب كل الأعمار، أعتقد ستتوسع الأفكار بعد قراءته في مراحل عمرية أخرى، وهو يحاول تقديم وصفة سريعة للتقبّل أكثر من الرفض، للتأقلم أكثر من التعقيد، للتجاوز لا الاستسلام، لكي تعيش كل يوم مستمتعًا بكل ما لديك، تطمح في أفضل دون نكران النعم، وتسعى أن تكون سببًا في الجمال لمن حولك ولنفسك، فكما كُتب في آخر كلمات هذا الكتاب: "الحياة جميلة لا تخلو من الصدمات والمباهج.. في مزيج عجيب يجعل حياتك مختلفة عن أي شخص آخر."