قررت العودة لقراءة كتب د.شريف عرفة، الكاتب الأول الذي قرأت له في تطوير الذات منذ سنوات طويلة وكان أول من منحني معلومات اقتنعت بجدواها في حياتي على عكس كتب كثيرة في نفس المجال، فبدأت في البحث عن كتاب يوافق افكاري واتجاهاتي هذه الفترة فيمنحني ما أرجوه، فوجدت هذا في كتاب السعادة الواقعية.

يبدأ الكتاب مع بعض التوجيهات بضرورة أخذ هدنة بين بعض فصولة التي قد تحتاج إلى التفكير أو حتى مواجهة النفس بعدها، مع تركيز الكاتب على ضرورة القيام بالتدريبات أو الاختبارات التي يتركها في كل فصل حتى تستطيع أن تحصل على نتائج هذه القراءة وتخرج منها بفائدة.

الفصل الأول كان فصل (السعادة السامة) يندرج أسفله الكثير عن مفهوم السعادة نفسها وكيفية الشعور بها ومدى تعلقها بأشياء أو أشخاص نتصور أنهم السبب فيها وهذا غير صحيح بكل تأكيد، وينبثق من هذا الفصل عدة أجزاء بعناوين منفصلة قصيرة إلى حد ما يأتي في مقدمتهم ومن العناوين التي لفتت نظري هي (سعادة الرياضي) ويشرح فيه الكاتب عن الفرق بين سعادة صاحب المركز الثالث عن الثاني أو الأول وكيف يمكن أن يتعرض صاحب المركز الأول للاكتئاب نتيجة لشعوره بعد وجود سقف تالي لطموحته فقد وصل إلى أعلى ما يمكنه.

المرونة النفسية لتقبل الصدمات، من أهم الفصول التي تحدث فيها عن المرور بمراحل التعافي والتي يمكن أن تكون من خلال تفريغ الحزن والاعتراف به بعدة طرق مختلفة مثل الكتابة وربما الانشغال بالمهام اليومية أو حتى زيادة المهام للشعور بالإنجاز، وطرح مثال على ذلك الراحل أبو الغيط وكتابه أنا قادم أيها الضوء.

قسم الكاتب أنواع الحياة التي ترسها في مخيلتك إلى 6 متعلقة بالحب والقيمة والقوة والحرية والحقيقة والعدالة، على الرغم من أن الحياة يمكن أن تكون متعلقة بكل هؤلاء معًا.

-(الصدمة: الوهم الإيجابي) بداخل كل منا شخصيات عدة قد يريد البعض منها عزيمتك، في الكثير من الأحيان يكون الأشخاص هم من يحزنون ويهزمون أنفسهم بما داخلهم، وفي تلك الحالة تكون تجربة العلاج السلوكي المعرفي تجدي بثمارها وطرح الكاتب في هذا الجزء نتائج هذه الطريقة من العلاج وبعض أنواع العلاج الأخرى التي قد تفيد.

ومن الأمثلة التي طرحها الخيال الواقعي أو ما يسمى في علم النفس بلغة الفيل كيف تتعامل مع عقلك وجسد كأنه الفيل وراكبه.

-الذاكرة الجسدية، قد نتعقد أن الحزن يؤثر على العقل أو القلب فقط، ولكنه يؤثر على الجسد بالكامل ويترك عليه بصمته فيحتفظ الجسد بذاكرته الخاصة عن الحزن والألم والصدمات ويعيدها عليك كلما أحتاج لها لذا من الضروري التخلص من أثر الصدمة للتعافي ويمكن هذا من خلال بعض التدريبات مثل حضن الفراشة والتنفس البطني.

-في فصل سعادة الشعر الأبيض ربط الكاتب ما بين كبر السن والصحة النفسية وذكر في ذلك هذه الجملة التي تعتبر من أهم اقتباسات هذا الفصل ❞ حين يصبح إيقاعنا بطيئًا، نشعر أن العالم الخارجي قد أصبح أسرع! ❝ فأن تقدم العمر قد يكون سبيل للشعور بالسعادة التي فقدانها في الشباب وينهي الفصل بتقديم نصائح لعيش شيخوخة سعيدة.

‏-هل أنت شرير؟ بعض الأشخاص لديهم نبته الشر على الرغم من شعورهم انهم عاديين، ثم صنف الأربعة الأشرار وهم النرجسية والسيكوباتية والميكافيلية والسادية، ولكل منهم دور في الحياة وينجذب لأشخاص بعينهم يمكنه أن يطلق شرهم عليهم بصورة أفضل فحذر من الوقع في فخ هؤلاء خاصة في العلاقات طويلة الأمد، وهو ما ذكره في جزء الجاذبية الجنسية.

-هل يمكنك أن تغير شخصيتك؟ بالتأكيد تستطيع أن تتحول لشخصية أفضل خاصة إذا ما قررت القيام بعادات يومية لفترة معينة فتبدأ تتطبع بهذه العادات التي أصبحت عليها، في هذا الجزء قدم الكاتب تجربة حقيقية لامست قلبي للغاية للشاب كريم الذي انقلبت به السيارة، في الفقرة التي ذكر فيها أن السائق حاول رمي جواز السفر فوق كل جسد من الملقي في الحادثة لمعرفة من هو كان من الأجزاء التي جعلت جسدي ينتفض فشعرت بحجم الصدمة حينها، ثم طرح كيف استطاع كريم أن يتخطى كل هذا ليصبح ما أصبح عليه الآن.

(الارتقاء النفسي) والتغير ما بعد الصدمة والنمو والتطور للأفضل، ومن أهم العوامل التي تساعد في التطور ما بعد الصدمة هي الشعور بالانتماء والقدرة على التعبير عن الألم النفسي.

في فصل (الموت الإيجابي) تحدث عن فكرة التصالح مع الموت وفائدته، وتجاوز قلق الموت بمجموعة من الدفاعات النفسية مثل تأكيد معنى الحياة وما الذي يعيش من اجله، فأن تماسك بناءك النفسي يجعلك أكثر قوة عند مواجهة التوتر عمومًا.

في النهاية تحدث عن فكرة الزواج وعدم وجود سعادة دائمة واختلاف السنوات من حيث السعادة والاختلافات وأن هناك سنوات تعتبر هي الفجوة وإذا مرت بسلام ستستعيد معها سعادة الزواج مرة أخرى.

ثم تحدث عن إذا حدث بالفعل الطلاق وكيفية تخطيه وتأثيره على الرجل والمرأة، والتعرض لمشكلاته وكيفية تقسيمها لحلول صغيرة فتشعر بإنجازات أصغر حتى الوصول للإنجاز الأكبر فيختفي الإحباط وربنا الملل، ولكن علينا مواجهة أن بعض المشاكل ليس لها حل وخارج نطاق سيطرتك، قم بما تستطيع وهنيئًا لك بذلك.

*الكتاب سلس في طريقة كتابته وكذلك في شرحه لكل نقطه تحدث عنها وجاء ذلك بطريقة لم تجعلني أشعر بالملل للحظة واحدة على الرغم من أن الكاتب شرح كل النقاط باستفاضة وبعدة أمثلة وتجارب.

ترك في الهوامش العديد من المراجع والتجارب التي تم بناء عليها كل فقرة من الكتاب مما جعله من أكثر الأجزاء الداعمة للأفكار المذكورة.

أحببت للغاية نهاية الكتاب التي تحدث فيها عن د.أحمد خالد توفيق وشعرت أنه يتحدث عني وعما أشعر في هذا الجزء وفي الكثير من الأجزاء الأخرى.

*اقتباسات:

❞ حتى إن لم توجد في حياتك مشكلة، فهذه مشكلة! لأن حياة بلا تحديات، مملة خاوية من المعنى وهذا في حد ذاته شيء مؤلم. لكل إنسان تحدياته الخاصة. لأن الحياة لا تسير أبدًا كما تريد لها بالضبط، وطوال الوقت تجد بعض الأمور خارج نطاق تحكمك وسيطرتك. ❝

‏❞ ليس للسعادة وجود مستقل، بل هي مفهوم ذهني. فكرة في عقلك! لو انقرض البشر وجاءت مخلوقات فضائية تزور الأرض، فإنهم لن يجدوا «السعادة» قابعة هناك في مكان ما يعلوها الغبار وخيوط العنكبوت. بل هي معنى ينتجه عقلك بناء على نماذجك الفكرية ❝

❞ السعادة ممتزجة بالمعاناة، وكلاهما رفيق الآخر يكمله ويعوضه.. كما يلازم الظل الجسد، أو كما يلتف شريطا الحمض النووي DNA حول بعضهما في تناغم يعكس تعقيد الحياة.. ❝

❞ من الضروري اعتياد الفشل وإدراك أن ليست كل مساعينا تكلل بالنجاح. والاستفادة من هذا الموقف لتعلم ما يفيدنا في المرات القادمة.. ❝

❞ “أتمنى أن أبكي وأرتجف، ألتصق بواحد

‫ من الكبار، لكن الحقيقة القاسية هي أنك الكبار!‬

‫ أنت من يجب أن يمنح القوة والأمن للآخرين!» د.أحمد خالد توفيق - عقل ❝‬

❞ فكرة الانشغال بنشاط له نتيجة مستقبلية، يورثك شعورًا بالاستمرارية، يملأ يومك ويشغل تفكيرك عن مصدر القلق، ويعطيك جرعات متتابعة من الإحساس بالإنجاز والأمل والتطلع للغد.. ❝

❞ ينبغي لكل واحد منا أن يكون لديه «ملاذ نفسي آمن» يحميه من ضجيج الحياة.. أشياء يحب فعلها وتأخذه بعيدًا لتنسيه الضغوط والصعوبات.. لذلك، لا تعتبر هواياتك مجرد مضيعة للوقت، بل وسيلة لتجديد طاقتك.. ❝

‏

❞ إن لم تروض وحوشك الداخلية

‫ ستنقض عليك فور الانفراد بك ! ❝‬

❞ الصدمات النفسية مؤلمة.. لهذا يلجأ المخ أحيانًا لحماية نفسه بطريقة بسيطة، هي التبلد.. عدم الإحساس.. اللا مبالاة.. البرود العاطفي.. فقدان الشعور كي لا تشعر بالألم بعد الآن.. ❝

❞ الشعور «بالشباب الداخلي» يبعد الناس عن الصور النمطية السلبية للتقدم في العمر، ويزيد الإقبال على الحياة والدافعية والثقة في النفس والكفاءة الذاتية، وبالتالي، يزيد السعادة. ❝

‏

❞ ‫ « لو عاش الإنسان مائتي عام، لجُنّ من‬

‫ فرط الحنين إلى أشياء لم يعد لها مكان..» د.أحمد خالد توفيق ❝‬

❞ فأفضل طريقة للنجاة من الشرير هي عدم الوقوع في براثنه أساسًا! ❝

❞ عندما تقع الصدمة، قد يستجيب الإنسان بطريقة تجعله ينمو. ينضج. يتطور. يرتقي في أحد جوانب حياته بشكل لم يكن ليحدث لولا هذه الصدمة. كأن يصبح أكثر إدراكًا لمواطن قوته، أو يكتشف أهدافًا جديدة لحياته، أو يعيد ترتيب أولوياته، أو تتغير طبيعة تدينه، أو تقوى علاقته بالناس ❝

‏❞ الحب: هو أن تختار الارتباط بشريك يريدك هو الآخر، يجعلك سعيدًا ويساعدك على النمو والنضج، بينكما تفاهم عميق ورغبات وأهداف وخطط مشتركة للمستقبل، تساعد في تجاوز الخلافات حتى إن فترت حرارة المشاعر. ❝

❞ «ثمة فعل بطولي واحد فقط في هذا العالم..

‫ أن ترى العالم كما هو في حقيقته.. وأن تحبه!» رومان رولان - التجليات ❝‬

‏