اقتباسات من كتاب سلاطين الوجد -دولة الحب الصوفي-

فقلت: أوصيني، قالت: عليك بالسكوت، ولزوم البيوت، وارضَ بالقوت حتى تموت.

قال: «حَسبُكَ من الموعظة عِلمُكَ بأنه يراك».

‫ قلت: فما تأمرني؟

‫ قال: «لاطِّلاعه عليك في كل أحوالك؛ لا تَنسَهُ».

قال ذو النون: رأيتُ في سياحتي شيخًا، فقلت:

‫ كيف الطريقُ إلى الله؟ قال: «دَع طريق الخلاف والاختلاف».

ذَوَّقتني طيب الوصال فزدتني

‫ شوقًا إليك مُخامر الحَسَراتِ

قلت: تعرفون من كلامه شيئًا؟ قالوا: نعم، كلمة واحدة كان يغني بها إذا ضجر: إذا بك لم أُجن يا حبيبي فبمَن؟).

فقال: يا بُنَي، مَن آنَسَه اللهُ بِقُرْبِه أعطاه أربَعَ خِصَال:

‫ عِزًّا مِن غير عشِيرَة. وعِلمًا من غير طلب. وغِنًى من غير مال. وأنسًا من غير جماعة.

قلت: أرى معك اسم الله الأعظم، فقال: تنحَّ عني، فقلت: لا أفارقك أو تعلمنيه، فأقبل عليَّ وقال: يا هذا، إذا رق قلبك فادع بما شئت، فذاك اسم الله الأعظم.

فنظروا إلى ثواب الله عز وجل بأنفس تائقة، وعيون رامقة، وأعمال موافقة

فهم أحلى الناس منطقًا ومذاقًا،

فهم خرس فصحاء، وعمي بصراء،

فقيل له: يا أبا الفيض، فما علامتهم؟ قال: إذا خلع العبد الراحة، وأعطى المجهود في الطاعة، وأحب سقوط المنزلة

ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب فهي معلقة بمواصلته

فنهد الشاب وقال: ذهب الليل بما فيه وأتى النهار بدواهيه، خسر من أتعب جسمه في غير مرضاة ربه.

واطلب دواءك ممَّن ابتلاك وعل‍يك السلام، لا حاجة لي في مناظرة البطالين،

اعلموا أن العاقل يعترف بذنبه، ويحس بذنب غيره، ويجود بما لديه ويزهد فيما عند غيره

وإذا عوملوا فإخوان حياء، وإذا كلموا فحكماء، وإذا سئلوا فعلماء، وإذا جهل عليهم فحلماء، فلو قد رأيتهم لقلت عذارى في الخدور، وقد تحركت لهم المحبة في الصدور بحسن تلك الصور التي قد علاها النور، وإذا كشفت عن القلوب رأيت قلوبًا

وظعنت أنفسهم عن المطاعم والشهوات، فتوالهوا بالفكرة، واعتقدوا بالصبر، وأخذوا بالرضا ولهوا عن الدنيا، وأقروا بالعبودية للملك الديان ورضوا به دون كل رقيب وحميم فخشعوا لهيبته، وأقروا له بالتقصير وأذعنوا له بالطاعة،

أهل المعرفة بالأدواء والنظر في منابت الدواء،

لم يخبتوا في ربيع الباطل ولم يرتعوا في مصيف الآثام

أبدانهم دنيوية وقلوبهم سماوية قد احتوت قلوبهم من المعرفة كأنهم يعبدونه مع الملائكة