بهذا العنوان الفرعي شديد الخصوصية يدخل القارئ عالم "أغاني" "عمر طاهر" التي أثّرت فيه، أو التي يحمل لها ذكريات ومواقف خاصة جدًا، وينقل إلينا حالتها تلك بطريقته الشيقة وأسلوبه الرشيق الذي يجعلنا جزءًا من حالتها من جهة، ويجعلنا نفكَّر من جهة أخرى في أغانٍ مشابهة أو مختلفة نحمل لها ذلك الشجن وتلك الذكريات، وربما استطعنا أن نسجل أو ندون معها سيرة شخصيةً خاصة بنا تتماس أو تتقاطع مع ما يكتبه عمر.
وسيفاجأ القارئ بالقصص والحكايات الطريفة التي ارتبطت في وجدان "عمر طاهر" بتلك الأغاني التي قد لا يربطها بالموقف، إلا أنه صادف أن سمعها لأول مرة فيه فعلقت في ذهنه، بغض النظر عن كلماتها، فلن يتخيّل أحدٌ مثلاً أن ترتبط أغنية سميرة سعيد "قال جالي بعد يومين" بذكريات أول فيلم بورنو يشاهده شابٌ في بداية مراهقته بل الموقف الذي كاد أن يتورط فيه ويحال بسببه إلى "بوليس الآداب" بالفعل! ولا أن ترتبط أغنية هندية مثل "ديسكو دانسر" يحفظ كلمات أغانيها التي تقول ( جورون كي ناتا لوكي دنيا هيدال بالوكي) رغم أنه لا يفهمها بحادثة ثأرٍ لأحد أقاربه في الصعيد، بل والأكثر طرافةً عندما ترتبط أغنية رومانسية شديدة الهدوء والجمال بقصة غرامٍ متقدة بين الكاتب وسيارته!
(هدى الليل بصوته على جسر الصدى
وبدأت ساعاته تسافر في المدى
وغاب الزحام الزحام الزحام
وداب الكلام الكلام الكلام
ويسكت كلام اللي قاله
ويرجع هوانا لحاله
وتفضل حقيقة وحيــــــــــــ
يا نجمة سهرنا البعيــــــــــ
بحبك بحبك بحبك و بتحبني
كنت متأكدًا أن السيارة هي التي تغني!)
و"عمر طاهر" لا يشير إلى موضوع الغرام ذلك إشارة عابرة، بل يوثقه بما يجعلك لا تشك لحظة أن علاقة طويلة حقيقية قامت بينه وبين سيارته التي "غضبت" عليه لأنه أطال فترة هجرانها، ولكن هاهو يعود إليها عودة الحبيب لحبه الأول! أو أن ترتبط أغنية "ميّال" لعمرو دياب بحدثين لا علاقة لهما ببعض إلا التزامن التاريخي وهو محاول أحد أصدقائه الانتحار وحصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل!
يرصد "عمر" كذلك بحساسية شديدة علاقتنا (أبناء الثمانينيات) بالمطربين في تلك الفترة، وهو أمرٌ اعتاد عمر أن يلحظه ويبرع في رصده فيشير إلى أنه:
(لو أن شخصًا من جيلنا فقد ذاكرته نتيجة حادث سيارة فستساعده لعبة "ألبومات عمرو دياب" في استعادتها جزئيًا، هو المطرب الوحيد في جيله الذي استمعنا إلى ألبوماته بترتيب صدورها، الأمر الذي يساعدك بسهولة على أن تربط كل مرحلة عمرية في حياتك بألبوم له... الأمر لا ينطبق بالضبط على "محمد منير" فهناك كثيرون منَّا اكتشفوه متأخرًا واستمعوا إليه دون ترتيب زمني .. )
وأنا شخصيًا كنت أحسب نفسي الوحيد الذي اكتشف "منير" متأخرًا، فأكد لي "عمر طاهر" أنها حالة عامة، رغم أن كثيرين سيفاجأون مثلاً عندما أخبرهم أني اكتشفت "كاظم الساهر" قبل "منير" أيضًا، وكانت زميلاتي في الكلية يتعجبن جدًا كيف يحب ولد أغاني كاظم الساهر ويغنيها باستمرار، وكانت لي معه ومع ألبوماته وأغانيه صولات وجولات ..
كتبته عنه أيضًا هنا
****