جريئة، صادمة، صادقة، مربكة.
الرواية تتقاسم بطولتها نورا الراوية وصديقتها المقربة مريم التي تشغل حكاياتها العاطفية -والجنسية- المعقدة الجزء الأكبر من النصف الأول للرواية، أما النصف الثاني فتشغل الجزء الأكبر منه حكاية نورا مع زياد فتى الأحلام الذي هبط عليها من السماء ليقلب لها حياتها الرتيبة رأسا على عقب.
بالنسبة للحبكة فلم تكن متقنة تماما -الجزء الخاص بزياد بالذات- لكن كرواية أولى للكاتبة أراها مقبولة ومبشرة، خاصة مع صياغتها اللغوية الجيدة (وإن لم تخل من العديد من الأخطاء التي يسأل عنها المراجع في المقام الأول).
من خلال بطلتيها تعرض لنا نهلة كرم جانبا من العالم الخفي للبنات: رغباتهم المكبوتة، أحلامهم المجهضة، احباطاتهم العاطفية، نزواتهم السرية، أخطائهم الصغيرة والكبيرة، ضغوط المجتمع عليهم.
فعلت نهلة هذا بجرأة شديدة تصدم القاريء -بشكل متعمد- من بداية الرواية، سواء من ناحية المواضيع التي تناولتها أو الألفاظ التي استخدمتها، لكنها والحق يقال لم تكن فجة، ولم أشعر للحظة أنها تفتعل مواقف غير واقعية او تحشر مشاهد جنسية لمجرد الجذب التجاري، قدر ما احسست أن لديها رغبة حقيقية في البوح على فراش فرويد.
وضعتني هذه الرواية في مواجهة مع نفسي: لماذا صدمتني جرأتها إلى هذا الحد؟ هل لأن الكاتبة أنثى -وشابة صغيرة- وتحكي عن البنات ككائنات بشرية لها أخطائها ورغباتها بصراحة ودون تذويق؟ هل كنت سأصدم بنفس القدر لو كان الكاتب رجلا يتكلم عن عالم الرجال و أخطائهم أو خطاياهم؟ أو حتى رجلا يتكلم عن النساء بنفس الجرأة؟ هل كنت سأحاكم أبطال الرواية وكاتبتها أخلاقيا بنفس الصرامة؟ بصراحة لا أعتقد، الموضوع هنا لا يتعلق باستهجان الانحرافات الأخلاقية أو التسامح معها في المطلق، قدر ما يتعلق بضرورة فعل هذا بقدر متساوي بغض النظر عن جنس مرتكبها.
في المجمل أستطيع القول أن الرواية أعجبتني ونجحت في أن تلمسني بشكل ما، وسأنتظر العمل القادم لنهلة على أمل ألا تدور في نفس الحلقة الضيقة طويلا وأن تخرج منها سريعا لعالم أرحب.