اقتباسات من كتاب في مديح الرواية

لكى نتحول نحن أنفسنا من كائنات لا قيمة لها ولا هدف إلى أناس جديرين بأن نوصف بأننا بشر. قال لنا كم هو جميل ونبيل أن يصبح الإنسان إنسانًا فى وطن من البشر.

قد يتظاهر الكاتب فى أعماله بأشياء ليست عنده، كأن يحدثك عن جمال التضحية وهو شخص فى قمة الأنانية، أو عن الحب وهو حقود، ولكنه لا يستطيع أن يخدع القرّاء طويلًا، فهناك شيء يظهر بين السطور وبين الفصول يعرّى الكاتب

«على شط النيل تجلس الفتاة التى وجدت الملاذ فى الكل تستر العرى؛ عريها؛ عريهم؛ عرينا.

ولكنهم يقيمون الحفلات التى يهدرون فيها رجولة الإنسان ويتفننون فى تحطيمه وهو ما زال حيًّا. هل هذا هو الذى يخيفنى إلى درجة الشلل؟».

«ما الذى أبغيه؟ هل أريد أن أقنع نفسى بأنى أفهم بعض ما يجب أن يفهمه الإنسان عن الظلم والعدل؟ ولكن ما الفائدة؟ إن المطلوب ليس الأفكار إن الأفكار ليست كل شيء وقد لا تكون لها قيمة على الإطلاق بلا تصرف

«كلما شعرت بالحياة أكثر كان تعرضك للموت أكثر. ذروة الحياة هى الحدود الفاصلة بينها وبين الموت. الذى يموت هو بعض أجسادنا.. هو بعض أشكالنا.. بعض نفوسنا، أما الحياة فباقية فى ملايين الملايين من البشر الأحياء

إذا تألّمت مصر سرى الألم فى جذورى

تراجيديا بعث أبدى، تنبثق فيها الحياة من مخاض آلام تفوق الاحتمال كآلام أوزيريس، وتبشّر بحتمية الخلاص والفرح عبر إيقاع لا يفتر توتّره لحظة.

مذبحة دير ياسين، رأتهم يريحون ضمائرهم من ذبح الأوروبيين لليهود بترك اليهود يذبحون العرب!

خلق الإله الأشياء فلا تعبث بها، انقلها بأمانة، أبرزها بتقوى، اعكس كل ما بى من نقص فى الوجه والجسد ليتجلّى جمالك فى الحقيقة».

الروايات الحقيقية باختصار مرايا سحرية يرى فيها القارئ جوانب مجهولة من عالمه ومن مجتمعه ومن نفسه،

الرواية الحقيقية تفكك الواقع المألوف وتعيد تركيبه مرّة أخرى.. فنراه بنظرة جديدة أعمق وبفهم أفضل،

الرواية فن له مكانته وخطره فى المجتمعات المتحضّرة. هى بطبيعة الحال ليست منشورات سياسية، ولا دعوة للإصلاح الاجتماعى، ولا وصفة لعلاج الأخلاق أو النفس، وهى لا تقدّم إجابات عن الأسئلة التى يضنى الفلاسفة أنفسهم فى بحثها، ولكنها تشمل شيئًا من ذلك كلّه وتتجاوزه، وتأثيرها أبقى لأنه أبطأ وأكثر نفاذًا إلى النفس

أنا شخصيًّا لا يعنينى أى تصنيف للأدب أعرف للرواية معيارًا واحدًا: أن تكون قابلة للقراءة، ولكى تكون قابلة للقراءة فيجب أن يكون موضوعها جديرًا بالمتابعة، وشخصياتها مقنعة ومتطورة، وبناؤها محكمًا، بالإضافة إلى ذلك العنصر الذى حدثتك عنه من قبل: الإحساس بأن الكاتب صادق فى إحساسه نحو القضية التى يطرحها.

‫ وقد فعل صالح ذلك كله فى «زقاق السيد البلطى» كما فى «رأفت الهجان» وبقية رواياته، الصراع قائم كما كان منذ البدء، والقضايا تزداد تطورًا وعمقًا ..

‫ كان يكافح لكى ينشق الصخر نفسه عن الجمال ربما لم تكن تراوده الأوهام، ولكنه حتى فى الصحراء كان يبحث عن بذرة الحياة، ويحلم بالخصب والخضرة، يتغزل فى كل ما ينبت فى الأرض الجرداء. غزلًا لا نهنهة فيه ولا بكائيات بل هو صرخة محب صادق يتمنى أن تنهض مصر وتكبر وتتسع، قوية وعفية، تحتضن صحاريها الخاوية وتخصبها.