اقتباسات من رواية سقف الكفاية

لماذا يجمعنا الزمان ولا يجمعنا المكان؟

اكتشفتُ أخيراً أنَّ الكلمات التي يقولها عاشقان في لحظة عناق، والوعود التي يقطعانها في غمرة بكاء، يجب ألاّ تؤخذ بجدّية.

إنني أكتبُ فحسب مقدوحاً بما عشته من الحب والحزن، وكفى بهما. نصف أقدار البشر تدور حول هذين المحورين. ونصف مآسي التاريخ انطلقت من عندهما

خطأ ما وقع، لا ندري أين، لا ندري متى، محا الحُبَّ من قائمةِ المشاعر، وكتبه في قائمةِ الفضائح.

لا يوجد مولودٌ يولد بأغلاله إلا الحب، وهُنا فقط.

ليس لدينا حبٌّ يولد حُرّاً، وينمو حراً، ويعيش حُرّاً، لا بد أن ينقلِبَ عليه الجميع، لا بد أن يُلقى أمامه بالجزور، لا بد أن تُزرع دونه الأشواك، ويُنفى إلى الشِّعْبِ الأجرد

دائماً أعتقدُ أن العلاقة التي نتوقَّع شكلها مسبقاً لن تكون حباً بطبيعة الحال. دائماً يأتي قَدَرُ الحب غريباً على نَسَقِ حياتنا، جديداً على أوراقنا وأحلامنا، دائماً يفرِضُ نفسه كجملةٍ لحنيةٍ مُبهِرة في نوتة العمر.

يا لأقدار الكاتب الضعيف. إنه لا يتخلص من قيود حياته إلا بقيود خياله. ولا يلبثُ أن يضع ثيابه من الليل حتى يلبس ذاكرته من النهار، وكأنه لا يستطيع أن يبقى عارياً أبداً وإلا تآكَلَ جِلدُه.

إنَّ عظامي تبردُ إذا جلستُ مع الآخرين ولا بد أن أخلو بنفسي لأُشعِلَ حزناً وكتابة.

وأكتبُ كما أريد لا كما يُراد، لأني أعرفُ أن ما سأحبسه بين جنبيَّ لأتوارى من أحدهم، سيمزِّقُ أنحائي يوماً آخر.

ليستُ الكتابة مشروعاً انعزالياً أبداً. إنها لغة تواصل، وهذا قدرُ اللغات.

أعرف أن أعمار الأمهات لا تقاس بالسنين بل بما استودعه الله في قلوبهنّ من خير العطاء. فإذا انتهى أخذهنَّ الموت

جامحةٌ هي الكتابة التي تستمدُّ مِدادها من الذاكرة، التي تغمسُ يراعها في الوجع، التي تشربُ من ماء الروح الشحيح بنهم، التي تخرجُ إلى الحياة، قبل أن أحجز لها مكاناً فيها.

ويبدو أنَّ بعض الأحزان لا تتناسل إلا في مواطنها الأصلية.

لا أحبّ الكتابة الثديّية، تلك التي تلِد وتهتمّ بصغارها، بل أحبِّذُ أن أترك ما أكتبه ليواجه الحياة وحده، ويتعلم الصمود وحده، فلن أكون معه عندما يواجه قارئاً ما.

لا يكون الحب قراراً أبداً، إنه الشيءُ الذي يختارُ اثنين بكل دِقَّة، ويُشعِلُ بينهما فتيلَ المواجهة، ويتركهما في فوضى المشاعر، دون دليل.

تمنيتُ لو كان غروركِ كاذباً عندما كنتُ أسألكِ: «أين أجد مثلكِ؟»، وتقولين لي: «مثلي تماماً؟ لا يوجد»

كل الاتجاهاتِ تشيرُ إليكِ كل الكلمات كل التصرفات كل التفاصيل الصغيرة، والتشابهاتِ الطفيفة، كل الأشواق، والعادات، والأمنياتِ المتأرجحة على سنواتِ العمر، والأمل، والانتظار، ودوائرِ الترقُّبِ التي تنمو طفولةً، ومراهقةً، ونضجاً ‫ باختصار شديد جداً، لا تبقى بعده حاجةٌ للتبرير، كل الأقدار.

الوطن الذي لا يفهمنا يشبه الوطن الذي يطردنا. كلاهما وحش. وتظل أسطورة الوطن الحلم تُرهق أعصابنا وأحداقنا السرابية.

⁠‫- عندما يعجز الوطن أن يمنحنا أكثر من صدوعٍ ضيّقة لدفن أبنائنا، هل نبقى؟