اقتباسات محمود درويش

كأنك طفلي، كأني أبوك ولم يدللك أبوك لئلا يرميك إخوتك في جُب الحكاية

فلا جنة معلنة بالحواس وبالحدس سوى العاشقة، ولا جحيم إلا خيبة العاشق

المهاجرون عائدون، والعائدون مهاجرون .

تسمّرت أمام التلفزيون، واتخذت هيئة المحايد في حضرة الحيرة التي أقامت حاجزاً بين العقلُ والقلب. العقل يقول: إنها مسرحية فاشلة باطلة. والقلب يسأل: كيف أنجو من سحر الإخراج؟ العشب أخضر، والمناخ ملائم للعيد، وسيّد العالم جذاب.

نسبنا إلى كتب قرأناها عجزنا عن الوصول إلى ذروة تطل على عدم ضروري لاختبار الوجود

الكتابة اقتراب واغتراب يتبادلان الماضي والحاضر.

كذا يولد الحنين من كل حادثة جميلة، ولا يولد من الجرح .

فليس الحنين ذكرى، بل هو ما ينتقى من متحف الذاكرة

الحنين مسامرة الغائب للغائب، والتفات البعيد إلى البعيد .

الهدف يختلف من درب إلى درب، لكن الدروب وعرة، والمؤونة من العمر قليلة

بل لأن الأمل قوة الضعيف المستعصية على المقاومة. وفي الأمل ما يكفي من العافية لقطع المسافة الطويلة من اللامكان الواسع إلى المكان الضيق. أما الزمان الذي لم نشعر به إلا متأخرين، فهو الفخ الذى يتربص بنا على حافة المكان الذى جئنا إليه متأخرين، عاجزين عن الرقص عن البرزخ الفاصل بين البداية و النهاية!

فكيف يسجن البحر في أحرف ثلاثة ثانيها طافح بالملح؟

كيف تتسع الحروف لكل هذه الكلمات؟ وكيف تتسع الكلمات لاحتضان العالم؟

الحنين هو اختصاص الذاكرة في تجميل ما احتجب من المشهد، وترميم شباك سقط دون أن يصل سقوطه إلى الشارع.

الحلم هو الذي يجد الحالمين، وما على الحالم إلا أن يتذكر

ذاكرتي رُمّانة. هل أفرطها عليك حبة حبة، وأنثرها عليك لؤلؤًا أحمر يليق بوداع لا يطلب مني شيئًا غير النسيان!

فالذاكرة هي أيضًا في حاجة إلى من يرتب فوضاها

وتسأل: ما معنى كلمة وطن؟

سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت ،وقن الدجاج، وقفير النحل، ورائحة الخبز والسماء الأولى.

وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات، وتضيق بنا؟

من يحيا على حرمان غيره من الضوء، يُغرِق نفسه في عتمة ظله.

يداك خمائل

و لكنني لا أغني

ككل البلابل

فإن السلاسل

تعلمني أن أقاتل

أقاتل.. أقاتل

لأني أحبك أكثر!

يا ابني تذكّر

غداً. وتذكّرْ قلاعاً صليبيَّةً

قَضَمَتْها حشائش نيسان بعد

رحيل الجنود...

ألسروةُ إنكسَرَتْ كمئذنةٍ، ونامت في الطريق على تَقَشُّف ظِلِّها، خضراءَ، داكنةً،كما هِيَ. لم يُصَبْ أَحدٌ بسوء. مَرّت

العَرَباتُ مُسْرِعَةًعلى أغصانها. هَبَّ الغبارُ على الزجاج... ألسروةُ انكسرتْ، ولكنَّ

الحمامة لم تغيِّر عُشَّها العَلَنيَّ في دارٍ مُجَاورةٍ. وحلّق طائران مهاجران على كَفَاف مكانها، وتبادلا بعضَ الرموز.

وقالت امرأةٌ لجارتها: تُرَى، شأهَدْتِ عاصفةً؟

فقالت: لا، ولا جرَّافةً... والسروةُ

انكسرتْ. وقال العابرون على الحُطام:

لعلَّها سَئِمَتْ من الإهمال أَو هَرِمَتْ من الأيّام، فَهْيَ طويلةٌ كزرافةٍ، وقليلةُ

المعنى كمكنسةِ الغبار، ولا تُظَلِّلُ عاشِقَيْن.

وقال طفلٌ: كنتُ أَرسمها بلا خطأ،

فإنَّ قوامَها سَهْلٌ. وقالت طفلةٌ: إن السماءَ اليوم ناقصةٌ لأن السروةٌ انكسرت.

وقال فتىً: ولكنَّ السماءَ اليوم كاملةٌ

لأن السروةَ انكسرتْ. وقُلْتُ أَنا لنفسي: لا غُموضَ ولا وُضُوحَ،

السروة انكسرتْ، وهذا كُلُّ ما في الأمرِ: إنَّ السروة انكسرتْ