اقتباسات شيماء هشام سعد

وأكثر ما حسده عليه قدرته على قول «لا» لكل ما لا يرضى عنه بِغَضِّ النظر عن العواقب، وربما لهذا السبب مات عبد الرحيم في تلك السِّن، ربما لأن الدنيا لا تحتمل كل هذه الكثافة من قول «لا»!

لا يريد أن يثبت لنفسه أنه رجل حزين، هذا شيءٌ يعرفه بطبيعة الحال، لكن الحزن لا يُقلِّمنا من أخطائنا، كما ولن يُجرى لنا حَسْمًا على فاتورة الحساب لأننا كنا حَزانَى.

تعاودني الغصة نفسها وأشعر بيد كبيرة تضغط على قلبي وتعتصره، للذاكرة أسباب غير مفهومة فيما تحتفظ به وما تتخلص منه.

ربما ماتت أمي، لكنَّ صوتها لم يزل هنا يُخبر سامعه بماضيها كلِّه ويحملُه على جناحَيه إلى بلادها الجميلة كحلم ، ربما من أجل ذلك علينا أن نكُفَّ عن كتابة المراثي.

وليس معقولا أن يُخرجونا من بيوتنا في وضح النهار ويستولوا عليها ولا نستطيع العودة إليها

لكن الحزن لا يُقلِّمنا من أخطائنا، كما ولن يُجرى لنا حَسْمًا على فاتورة الحساب لأننا كنا حَزانَى.

ولَأن يعترفَ بأنه بليد أو عديم النخوة أهون عليه من أن يلفِّق سببًا كاذبًا لتسكيت ضميره أو تنظيف صورته أمام نفسه.

إنه ليس باردًا أو غير مبالٍ، هو فقط اختار ألَّا يعبأ بألَمٍ لا يُبدي صاحبه أيَّة مقاومة تُجاهه،

لم أُفلِح في التأقلم مع مشكلاتي، ولم أفلِح أيضًا في حلِّها، الشيء الوحيد الذي أفلحْتُ فيه هو التذمر، لقد جلستُ في الزاوية وأكلتُ نفسي فقط حين كان عليَّ أن أفعل أشياء أكثر جدوى.

«إنها الحياة أيتها الحمامة، تقضي على بعضنا أن يكونوا ضحايا دون أن يمتلكوا منطقًا لإلقاء اللوم..».

كالإسفنج؛ نمتصُّ في الطفولةِ كلَّ ما يتمُّ غمسُنا فيه، في مراحل العمر التالية تعتصرُنا الحياة لتستخرج منا العُصارة، وعندما نموت نكونُ قد جففْنا تمامًا.

لكن الحزن لا يُقلِّمنا من أخطائنا، كما ولن يُجرى لنا حَسْمًا على فاتورة الحساب لأننا كنا حَزانَى.

ما رأيك بإمكان أن يكون ما سيأتي أخف وطأة على مُتعَبَيْن مثلنا؟ أن نعيش معًا بهذا الزهد المُريح في التعافي من جراح الماضي؟ أن نقضيَ معًا عقوبتنا على أخطائنا فنتحمل ثقل الندم بمشاركته؟ ما رأيك في إمكان أن نضع حبنا الشائخ في مواجهة أحزاننا اليومية الصغيرة و نقول له تصرف؟

إن الأخوات هن من يستطعن إماطة الأذى عنك وهن يُسمعنك عبارات المحبة.

إن تراكم نَقصين في المكان نفسه من القلب من شأنه أن يحني قامة ابن آدم، يسير وجذعه مُعوَجّ، وأبناؤه الثلاثة مُعوجُّون كلٌّ بطريقته إن الأطفال مثل النباتات المتسلِّقة؛ تحتاج دعامةً لتنمو باستقامة.

كيف بوسع قضية قديمة أن تخلِّف كل هذا العدد من القتلى؟!

كيف يُمكن أن تتوقف القصة في حياته عند نقطة ما وتظل مُكملةً مسارها الكابوسي في حيوات الآخرين؟

«إذا لم تستطع حل المشكلة فاعتبرها صاحِبًا أنت مضطر لرفقته أو مرضًا لا مفرَّ من التعايش معه..»

كانت تقول له، وكان يحترم حكمتها هذه جدًّا، وإن لم يفلح قط في أن يتخذ من مشكلاته أصحابًا أو يتعايش معها، يحتاج من أجل ذلك أن يكون قويًّا كفاية ليتحمل ما يكره، متواضعًا كفاية لكيلا تأنف نفسه من الرضوخ والتقبُّل، و لم يكن يمتلك أيا من الفضيلتين.

كانت طفولته قاسية وحزينة، ولكنه كان طفلًا والطفل لا يفهم معنى الحزن والقسوة؛ إنه يتألم دون أن يحقد على من آلِمِه، ويحزن الآن ثم يتقافَزُ بعد ساعة أو ساعتين.

ولأنه أبرم اتفاقا مع نفسه، يقول إسماعيل، ويعرف أنه يقول بصدق: ليس بوسعي أن أحاسب أحدًا، يمكنني فقط أن أحاسب نفسي، وحتى إذا أُسيء إليَّ بشكل ما، فإن ما يتحتم عليَّ هو التخلص من الإساءة لا مُحاسبة المسيء، لستُ حكمًا و لا مُنفذ حُكمٍ، أنا إنسان سيُخاسب في نهاية المطاف كما جميع الناس.

على الرغم من عدم حبه لمريم أو رضاه عن زواجه منها، إلا أنه شعر بدفءٍ في قلبه عندما وضع الطفل في حضنه أول مرة، وتعلم حينها أن الرجل قد يتزوج امرأة لا يحبها، بل ويبغضها، ولكنه يحب عياله منها على الرغم من أنها شاركت فيهم بالنصف و على الرغم من أنهم يحملون في تكوينهم شيئًا منها، و هذا شيء غريب لعله من افعال الابوة التي تُجري أحكامها الخاصة على عقل الرجل و قلبه.