اقتباسات محمد توفيق

وبمجرد أن تأكد المصريون أن نبأ العبور حق وصدق، انتظم الشارع فجأة وانضبط وأدركته اليقظة، وتغير سلوك مدينة بأكملها في أيام قليلة، وانقشع الحزن وعادت القاهرة إلى سيرتها الأولى، وعادت كلمات غابت لسنوات: «أعتذر… متأسف… أشكرك… اتفضل» كلمات جميلة رقيقة

وسارع آلاف الرجال إلى ميدان العتبة لشراء بذلات عسكرية لأطفالهم، فقد أراد كثيرون أن تكون احتفالاتهم بالعيد، احتفالًا بالنصر الذي هلَّت بشائره، وتعظيمًا لشأن المقاتل المصري، وتحية له بارتداء ملابسه، والاحتفال به.

‫

وعادت مصر بوجهها الحقيقي، قاهرة العاشر من رمضان، قاهرة العاملين في صمت، المقاتلين بشرف، المبتسمين بجِدّ، المضحّين بغير حدود، المقاومين بلا قيود، المدافعين عن شرف الإنسان وكرامة الوطن العربي… قاهرة نصف روحها في قلب العاصمة والنصف الآخر في أرض سيناء.

وانتقل الرئيس للحديث عن العهد الذي قطعه على نفسه: «عاهدت الله وعاهدتكم على أن نثبت للعالم أن نكسة 1967 كانت استثناءً في تاريخنا وليست قاعدة… لقد عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلّم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده

وربطوا يديهما بقطعة من القماش البالية، وجرى أحدهم ليتصل بالشرطة حتى تأتي لتتسلمهما، وتُسلمهما إلى معسكر الأسرى ‫ لم يتخيل قادة العدو أن الطيار الذي أنفقوا عليه أموالًا طائلة، يسقط بهذه السهولة بين يدي مزارع مصري بسيط، وتكون طريقة أسره

الدبابة تحاول الفرار من ساحة المعركة، وخلفها جندي مصري يلاحقها على قدميه، ويحاول تفجيرها.

وصدر البيان السابع وجاء فيه: «نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس على طول الجبهة، وتم الاستيلاء على معظم الشاطئ الشرقي للقناة، وتواصل قواتنا حاليًّا قتالها مع العدو بنجاح».

وقد سألت جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل، اللواء إيلي زعيرا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية: «هل يقدر أحد الطيارين المصريين على القيام بشيء ما ضدنا؟».

‫ فأجابها: «من الأفضل أن يكتب وصيته أولًا».

تعرف الشرطة سوى نصفهم، بل إن القاهرة وحدها صارت تحوي نصف نشالي مصر حتى أصبح هناك نشال لكل أربعمئة مواطن في القاهرة التي يعيش بها قرابة ستة ملايين شخص.

وصف «طه» زوجته قائلًا: «كانت النور بعد ظلمة، وأنسًا بعد وحشة، ونعمة بعد بؤس».

الحي لا يموت إلا مَرّة

‫ والموت أحلى من حياة مُرّة

فقد أراد بونابرت أن يقود جنوده من خلال صحيفة، ولما سألوه عن السبب قال: «إن الحاكم يجب عليه دائمًا أن يستغل الصحافة لمصلحته ويجعلها في خدمته».

«من الصعب أن يجد الإنسان بلدًا أكثر غنى من مصر، وشعبًا أشد بؤسًا وجهلًا وضراوة من المصريين». نابليون بونابرت

حتى صار كل رجال الحاشية يخشون أن يطلب الخديو مقابلتهم في قصر الجزيرة، ويخشون أيضًا تناول القهوة مع سموه.

لكن للأسف حين مات المؤرخ لم يجد من يؤرخ يوم رحيله!

لكن المصري بطبعه متفائل، ﻷنه لو لم يكن كذلك لصارت معدلات الانتحار تاريخية، ربما لأن أقصى طموحاته أن يظل حيًّا، فهذه وحدها واحدة من المعجزات، فرغم كل ما يحدث حوله ومعه وفيه فإنه ما زال صامدا وقادرا على الضحك ومُصرًّا

إلى كل من يتمسك بالأمل رغم أنه يعيش في مصر..

‫ ويشجِّع الزمالك!

الثورة لم تنجح في تحرير الوطن من الاحتلال؛ لكنها حررت العقول التي صنعت على مدار سنوات طويلة رؤية نهضة وتقدم واستقلال، وجعلت الفلاح البسيط يدرك معنى كلمة الحرية، ويطالب بها، ويتذوق الفن الرفيع والثقافة الراقية والصحافة التنويرية.

ثورة ١٩١٩

وتساءلت «الوطن»: «أليس شرف الإنسان ما سعى وما عمل؟ أليس الإنسان من حيث يوجد لا من حيث يُولد، ومن حيث يثبت لا من حيث ينبت؟».

الكل بقي متحفزًا، ومتأهبًا، وينتظر حُكمًا ينتصر لأفكاره، ورؤيته، ومرجعيته، ومصالحه أحيانًا، ولا أحد يقبل حلًّا وسطًا، فالكل يريد نصرًا كاملًا، كاسحًا، مبينًا، وهزيمة مُذَّلةً للخصم، كأنهم حضروا ليشاهدوا مباراة لا تقبل نتيجتها القسمة على اثنين.