اقتباسات إليف شافاق

وكلّ ما يتعيّن عليك عمله هو أن تتذكّري كيف تترابط الأشياء والناس في هذا الكون. فنحن لسنا مئات أو آلاف الأشياء المختلفة، بل كلّنا واحد.

انتاب الشكّ إيلّا في أنّ ثمّة خطبًا ما فيها. فهي إمّا متطفّلة وإمّا مندفعة أكثر ممّا ينبغي لها (كما هي حالها بخصوص خطط زواج ابنتها)، وإمّا سلبيّة وسهلة الانقياد (بخصوص علاقات زوجها الغراميّة القصيرة). فثمّة إيلّا المزاجيّة الأهواء، وإيلّا الخنوعة إلى أبعد الحدود. ولم تكن قادرة على معرفة أيّ واحدة منهما ستظهر إلى السطح، ولا حتى متى.

‫وفي حين كانت الأمّهات يُعجبن بها، كان الأولاد يرون فيها فتاة غير مناسبة، لا تتمتّع بروح الفكاهة. لهذا، لا عجب في أنّها لم تكن محبوبة كثيرًا في المدرسة الثانويّة. وقال لها أحد زملائها في الصفّ، في إحدى المرّات:

‫«أتدرين ما مشكلتك؟ إنّك تأخذين الحياة على محمل الجِدّ أكثر ممّا ينبغي لك، إنّك مثيرة للسأم إلى أبعد الحدود».

‏

قالت الشبكة العنكبوتيّة: «الأمان أفضل من الندم. افحصي آثار أحمر الشفاه على قمصانه، وتأكّدي إن كانت تنبعث منه روائحُ غير مألوفة عند عودته إلى البيت».

فوراء كلّ مشقّة يكمن مشروع كبير.

‫ـــ خلق الله المعاناة كي نظهر البهجة فتكون نقيضًا لها. إنّ الأشياء تتّضح من الأضداد، ولمّا كان الله لا ضدّ له، فإنّه يظلّ غيرَ مرئيّ.

إنّه أشبه بزهرة مخفيّة في بستان، حيث كنت سابقًا أتجوّل فيه وأتنسّم عبير زهوره، ولكنّني لم أعد أستطيع دخوله بعد الآن.

كنت في منتهى البراءة. وإذا سألني أحدهم عن كيفيّة خلق الأطفال، قلت إنّ الله يعجنهم من عجينة رقيقة وناعمة.

ولكن كلّ ما أعرفه هو أنّ بعض الناس يقتاتون على شقاء الآخرين وتعاستهم، ولا تروقهم مشاهدة وجه الأرض وقد نقص فيها شخص تَعِس واحد.

عندما نحزن حدادًا، فإنّ الحزن يستمرّ أربعين يومًا، وعندما يولَد الطفل، فإنّه في حاجة إلى أربعين يومًا كي يكون جاهزًا للبدء بالحياة على وجه الأرض. وعندما نحبّ، نحتاج إلى الانتظار أربعين يومًا كي نتأكد من مشاعرنا.

أعياد مولدي تجعلني دائمًا سعيدة،

يُقال إنّ بلوغ الأربعين محطّة مهمّة، وخصوصًا في حياة النساء. ويُقال أيضًا إنّ الأربعين هي سنّ الثلاثين الجديدة (وإنّ الستّين هي الأربعون الجديدة)

غير أنّ حزنها لم يكن من ذلك النوع الذي يدفع إلى البكاء، أو يبعث على الإحساس بالشقاء، بل يجعلها غير راغبة في الابتسام أو النظر إلى الأمور من دون اكتراث أو اهتمام. شعرت كأنّها وصلت إلى نقطة تحوّل غير مستعدّة لها.

«الكون كلّه يحويه إنسان واحد هو أنت. كلّ ما تشاهدين من حولك، بما فيه الأشياء التي قد لا تعجبك، وكذلك الناس الذين قد يثيرون اشمئزازك ونفورك، موجودٌ داخلك بدرجات متفاوتة. لهذا السبب، لا تنظري إلى الشيطان خارج نفسك أيضًا، فالشيطان ليس قوّة جبّارة تهاجم من الخارج، بل هو صوت اعتياديّ من الداخل.

الحبّ يحيا في كلّ واحد منّا منذ لحظة ولادتنا، وينتظر منّا أن نكتشفه بعد ذلك.

«القذارة الحقيقيّة تكمن في الداخل، أمّا ما تبقّى منها فيُغسَل ويزول. وثمّة نمط واحد من القذارة، لا يمكن غسله بالمياه النقيّة، ويتجسَّد في الكراهية والتخندق اللذين يلوّثان النفس. في إمكانك تنظيف جسدك بالتقشّف والصوم، ولكنّ الحبّ وحده هو الذي ينقّي القلب».

ـــ القذارة في أعماق النفوس وليس في خارجها،

«سهل جدًّا أن يحبّ الإنسانُ اللهَ الكامل الذي لا تشوبه شائبة والذي لا يخطئ، لكنّ الأصعب من هذا كثيرًا هو أن يحبّ الإنسان إخوانه من بني البشر بكلّ ما فيهم من نقائض وعيوب. تذكّرْ أنّ الإنسان لا يمكنه أن يعرف إلّا ما يقدر على حبّه، فما من حكمة بلا حبّ. وما لم نعرف كيف نحبّ مخلوقات الله، فإنّنا لا نستطيع أن نحبّ الله حبًّا صادقًا أو نعرفه معرفه حقيقيّة». ❝

‏

كلّ ما فيها يتحوّل ويتبدّل ويتغيّر ويُفصَل ويظهر إلى النور ويَرشح وينمو ويتحلّل ويتفسّخ ويموت.

ولكنْ، عندما يخصّني الأمر، فإنّ كلّ ما كانوا يرونه فيّ هو الموتُ المتطلّع إليهم في وجوههم. هذا ما كنت أخشاه: أن أدرك أنّ الموت يمكن أن يكون قريبًا وقبيحًا، إلى هذا الحدّ.