من صندوق الدنيا > مراجعات كتاب من صندوق الدنيا > مراجعة Avin Hamo

من صندوق الدنيا - بلال فضل
تحميل الكتاب

من صندوق الدنيا

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

#ليالي_العيد_على_أبجد

#مسابقات_أبجد

كنت أقرأ هذا الكتاب كأنني أجلس مع بلال فضل في قهوة بلدي، نشرب الشاي بالنعناع، ونتحدث عن الأفلام كأنها جيراننا في الحارة، لا نجاملها، ولا نخجل منها. كتاب "من صندوق الدنيا " لم يكن مجرد حكاية ناقد سينمائي يعرض علينا أفلامه المفضلة، بل كان أقرب إلى رحلة شخصية مكتوبة بروح طفل يعيد اكتشاف دهشته، كلما مرّ مشهد، أو تذكر ممثلًا، أو صاح في منتصف الفيلم: "شايف؟! ده اللي كنت بقوله!".

بلال فضل لم يكن يقدّم لنا درسًا في السينما، بل دعوة مفتوحة للعراك مع الشاشة، للتعليق، للضحك، للاندهاش، أو حتى للانسحاب من الفيلم دون تأنيب ضمير. وكنتُ هناك، على الهامش، أرفع يدي وأقول: "أنا شفت ده! أنا أعرف الشعور ده!".

أبدأ من أول الطريق الذي اختاره الكاتب بين الشلالات ومقامات الفن

في هذا الكتاب، يبدأ الكاتب بحكاية بسيطة وعميقة في آن واحد، يطرح السؤال: ما هي حكايتك مع الشلالات؟ ليجيب في غموض وصدق عن علاقته الحميمة بذلك الشلال الذي أحبّه منذ طفولته، وليس ذلك الذي وقع عليه اختياره في شهر العسل. الشلال الذي وقع في قلبه ليس سوى ذلك الذي احتفظت به والدته في صندوق الدنيا، هدية تحمل معنى أبعد من مجرد شلال... هو العالم الذي فتح له أبوابه. يستعيد الكاتب ذكرياته عن "صندوق الدنيا" للأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني، الذي يعتبره كتاباً عظيماً، ولكن لم ينل من الإنصاف ما يستحقه.

وها هو الكاتب يقرر أن يفتح صندوقه الخاص ليأخذنا معه في رحلة بين الفنون والأفلام والمسلسلات. يبدأ بقصة غير مألوفة حول غزوة صهيونية على أبواب أوبرا المتروبوليتان. في أسلوبه الساخر الذي يتنقل بين الواقع والخيال، يقول: "الله... طلع عندهم متخلفين زينا!" مستمراً في تأملاته عن مفهوم التخلف والتقدم، وما يطرحه من إشكاليات دينية ووطنية وأخلاقية، تلك التي لا تتوقف عن ملاحقة أي عمل فني أو أدبي يخرج عن المعايير المألوفة. ولكن ما يفاجئه حقاً هو مشهد الحشود في قلب نيويورك، يطالبون بمنع عرض أوبرا بحجة مناصرتها للإرهاب الفلسطيني ومعاداة السامية، دون حتى أن يكونوا قد شاهدوها.

ثم يأخذنا إلى متحف الفن الحديث في نيويورك، حيث يعكس في أذهاننا ملامح فقراء المدينة ومشاكلهم في البحث عن سكن لائق، في تساؤل عميق عن طموحات شعوبنا التي لم تعد تتمنى سوى حق التعبير عن رفض الظلم دون أن تتهم بالخيانة.

ويستمر في عرض الأفلام التي تركت في ذهنه آثاراً بالغة، مثل الفيلم الإسرائيلي "الحافز صفر" الذي ينظر بشكل ساخر إلى الحياة في معسكر الجيش الإسرائيلي من وجهة نظر مجندات ساخطات على أوضاعهن. بينما يتناول في فيلم "أيّام قليلة في سبتمبر" من إنتاج إيطالي فرنسي، وهو الفيلم الذي يروي أحداث 11 سبتمبر من منظور المؤامرة.

ثم ينتقل إلى قضية أخرى تطرحها السينما والفن، وتحديداً سؤال: هل للتعليم جايب همه؟ ويعرض قضية الطلاب المصريين الذين قد يحتلون مكتب رئيس الجامعة للاحتجاج على زيادة المصروفات، ليطرح تساؤلاً موازياً: ماذا لو قام طلاب في جامعة أمريكية بنفس الفعل؟ كيف ستتعامل معهم السلطة هناك؟ هل سيكون التعامل مختلفاً تماماً؟

لكن لا يتوقف الكاتب هنا، بل يعيدنا إلى مسرحية "شيء حقيقي" للمؤلف البريطاني توم ستوبارد، ثم يعبر بنا في فيلم فلسطيني بعنوان "عالم ليس لنا". وبعد أن نمر على أعمال فنية عالمية، ينتقل إلى فيلم "جيش من رجل واحد", الذي يعرض قصة شخص طارد بن لادن بطرق مضحكة في محاكاة لواقع غير تقليدي.

ومع استمرارنا في القراءة، يأخذنا الكاتب إلى مجموعة متنوعة من الأفلام والمسلسلات التي تعكس واقعنا المعاصر بأسلوب فني ساخر، بدءاً من "الطريق إلى غوانتانامو" إلى "فيلم طلاق على الطريقة الإسرائيلية"، وفيلم "الكل ضائع" للنجم روبيرت ريدفورد.

وفي النهاية، يقودنا الكاتب إلى فيلم "المواطن المثالي", ليختتم الكتاب بتساؤلات فلسفية عميقة، فتلك كانت رحلته بين صندوق الدنيا، الذي فتح لنا أبوابه ليكشف لنا عن عالمه الغني بالتساؤلات والفن والمفاجآت.

في خضم هذا التنقل بين شتى العوالم الفنية، لا يسعني إلا أن أعبر عن سعادتي البالغة. على الرغم من أنني قد شاهدت بعض هذه الأفلام سابقاً، فإنني شعرت بسعادة لا توصف وأنا أقرأ عنها مجددًا. كان شعوراً غريباً وكأنني استعدت جزءًا من طفولتي من خلال هذه الأعمال، حيث استحضرت كل تلك اللحظات التي كنت أعيشها وأنا أكتشف تلك الأفلام لأول مرة. شعرت بأنني أغوص في عالم من الذكريات السعيدة، حيث تغمرني مشاعر الطفولة البريئة التي لا تشيخ.

شكرا بلال فضل لروعتك في من صندوق الدنيا جعلتني اشعر وكانني فتحت صندوق جدتي واقرا واستمع لحكاياها.

كل التوفيق والمزيد من النجاح والابداع 🌷.

أفين حمو

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق