حتى مشهد النهاية، لازمني انبهاري وحيرتي وتساؤلي. حتى مشهد النهاية لم أعرف أواقع هو أم خيال ما يحدث للبطل!
فيما مضى، كان لي رأيًا: إنّ كل كتابة عن الديكتاتورية والطغيان وجبروت الحكومات، هي محاولة لتقليد رواية جورج أورويل 1984، مجرد محاولة لتقليدها.
أن تصنع نظامًا شموليًا، وطرق مراقبة، وتجند جواسيسًا، كلها محاولة للتشبه برواية أورويل..
وها أنا الآن أغير رأيي..
الملواني فاق حدود الإبداع، لا البعد فقط عن رواية 1984، بل فاق حدود الإبداع. جسّد المجتمع الذي يعاني بصورة لم يصل إليها مجتمع من قبل. جسّد النظام الذي لم يسبقه نظام إلى حدود الشمولية والتحكم في الناس. جسّد الحب، الحنين، الشجن، الذكريات، الماضي، الحاضر، المستقبل، الحلم، الطموح، الأمل، اليأس، البؤس، العذاب، الحيرة، الجنون، الواقع، الخيال، القوة والضعف.. على هيئة أكرم، بطل أحلامنا السعيدة.
لقد جعلني الملواني أشك في كل شيء وكل أمر وكل شخصية في الرواية.. حتى آخر مشهد.
صاحبتني لهفة معرفة الحقائق حتى آخر كلمة. حقيقة حتى آخر كلمة.
في مواضع عدة كنت أرجع للخلف، لأقرأ من جديد؛ إما للتركيز؛ نظرًا لغرابة الأحداث أحيانًا، وإما لافتتاني بطريقة السرد والصيغ واختيار المفردات.. كنت أعود لقراءة ما سبق وقرأته.. حيرة واستمتاعًا.
استحقت الوصول للقائمة الطويلة للبوكر.. وأظنها تستحق الجائزة. وأتمناها لكاتبها بكل صدق؛ هذا أديب يستحق التقدير.