تاريخ آخر للضحك > مراجعات رواية تاريخ آخر للضحك > مراجعة Hager Hegazy

تاريخ آخر للضحك - ليو جين يون, أحمد السعيد, يحيى مختار
تحميل الكتاب

تاريخ آخر للضحك

تأليف (تأليف) (ترجمة) (ترجمة) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

( الرسم كتابة صامتة ... والكتابة رسم ناطق) ...مقولة احبها كثيرا و اؤمن بها ..واراها في كثير من الروايات التي يقدر كتابها على ابداع التصوير الفني في الادب ... .

لكن ..تاريخ اخر للضحك هي تجسيد اكثر صراحة لتلك المقولة ... بدات الرواية بمقدمة تستعرض لوحات رسمها العم السادس لوحات رسمها لنفسه واصدقائه وسكان مدينته بحياتهم اليومية الواقعية ..مزجها باساطير صينية وشخصيات شبحية و جنيات واحداث فانتازية .. مات ذلك العم وحرقت زوجته هذا الارث الفني .. اراد الرواي اعادة بعث هذه اللوحات تخليدا لعمه ولعظمتها وغرائبيتها .. ولكنه لا يستطيع الرسم لذا .. فاخذ يرسم بالكلمات رواية .. ويبعث الروح في الشخصيات المرسومة فباتت تتحرك امامنا بنفس المزيج الذي ترويه اللوحات من الواقعية والاساطير .. والخيال .. فكانت الرواية قطعة من الحياة ...

ففي الفصول اللاحقة تم شرح تلك اللوحات شرحا وافيا تفصيليا على شكل رواية من شخصيات حية

قال الكاتب :

❞ ‫ حاولت، ووجدت أنه ليس من السهل بالمرة تحويل اللوحات إلى رواية، فكل لوحة هي قطعة من الحياة ❝

كنت اتمنى ان يكون الغلاف باحدى تلك اللوحات الفنية .. فرواية كهذه بهذا السحر الفني خسارة ان يكون غلافها خاليا من تنوع الالوان والرسم ...

استمتعت جدا بهذه الملحمة الاسطورية الصينية .. وقرأتها على نار هادئة جدا كمن يرتشف كوب شاي عصر يوم رائق في شرفة ذات نسمة عليلة .. قرأتها بمزاج على تطبيق ابجد ... واستمعت لبعض الفصول على تطبيق ستوري تيل .. الذي ساهم صوت الراوي فيها بتغيير نبرات صوته الى جعل الرواية اشبه بافلام الكرتون اليابانية التي امتعتني في طفولتي .. وحتى عندما كنت اتابع قراءتها كنت اقرأها في عقلي بصوت الراوي وطريقته ... ثم ساهم تطبيق بينتريست بدعم خيالي بلوحات رائعة من الفن الصيني بالوانه وتفاصيله ...الترجمة الاكثر من رائعة كأنك تقرأ عملا بلغته الاصلية جعل القراءة سلسة ... كل هذه الاشياء خلقت جوا رائعا من المتعة . .

بالرغم من ان الاحداث الواقعية في الرواية تدور في العصر الحديث .. الا ان الصور الذهنية للاحداث والاشخاص كانت بنفس الجو الاسطوري بملابسه و اشجاره و حيواناته .. وهذا تماما كما صنع العم السادس هذا المزيج في لوحاته ...

الثقافة الصينية رائعة .. عظيمة .. وضاربة في القدم .. تماما كشجرة العناب .. وكالثلاثة الاف سنة التي انتظرتها الفتاة لحبيبها... اذن فمن الطبيعي جدا ان تكون الرواية بهذا الحجم من التفاصيل والبطء في السرد الذي قد يراه البعض مملا ... فهو شعب رائق .. قديم .. يحب الحكايات ولا يمل من سردها .. ويضيف نكهة كل عصر على العصر السالف والسالف له الى ان يصل الى اعماق التاريخ السحيقة .. فيخلق مزيجا .. معتقا مليء بالتفاصيل الرائقة .. كما ان اعادة التعريف بالشخصيات في اكثر من موقع .. او اعادة السرد بطرق مختلفة فك تشابك الشخصيات الذي احدثه صعوبة الاسماء وتشابهها ..

تعرفنا هنا على ثقافة هذا الشعب في ثلاث مدن صينية رئيسية يانجن ... يوهان و شيآن واخرى فرعية .. عرفنا بعض اساطيرهم .. عقائدهم ..المهن التي يعملون بها .. اكلاتهم .. عاداتهم في الزواج والطلاق والموت .. حتى مدارسهم .. شكل اسواقهم .. شوارعم .. مواصلاتهم ..عرفنا بعضا من جغرافيا الصين بمدنها وانهارها ومعالمها السياحية ..بوصف ساحر وشاعري يشبه اللوحات المرسومة ....

المشاعر هي المشاعر عند البشر .. وهذه الرواية نسجتها باحترافية .. غيرة النساء،.. حنان الجدة .. وفاء الاصدقاء .. حزن اليتيم .. الحب الخالد .. الخيانة.. الخسة .. الدجل .. الحكمة .. التسامح.. معاملة الحيوانات ... رأينا مشاعر كثيرة .. وشخصيات ككافة ما خلق الله من تنوع في النفوس ...

تألمنا للجنية المنتظرة لحبيبها ولجهلها بمصيره ... الجنية المعاقبة بان اصبحت جبلا . تعاقب من لا يضحكها بحملها حتى الموت ... لم افهم في النهاية من المريض الذي فرض عليها ذلك برغم ان مينج فهم وتعرق ظهره خوفا من ذلك ..

حزنت ليتم مينج رغم وجود اب له ..ولتلطمه في حياته..ولتخلي الجميع عنه .. لكنه فهم الحكمة لعذابه بعد ذلك وتعامل مع نقصه وتسامح مع كل من آذوه .. وفي اعتقادي هذه هي الحكمة الصينية من وجود فرصة اخرى لحياة اخرى يكفر فيها المرء عن ذنوب واخطاء الماضي .. اما مينج فقد علمته حياته انه سيحيا حياة واحدة لابد فيها من التسامح والحب والعطاء الآن دون انتظار لحياة اخرى كما قال له العراف العجوز :

هذه أسرار سماوية لا يمكن تسريبها، وذلك لمصلحة الناس. فلو علمت ما الذي ينتظرك في الحياة، وعلمت ما الذي ينتظرك في العالم الآخر، فما المغزى من الحياة إذن؟ عليك أن تفهم حياتك، لكن لو فهمتها حقًّا، فقد لا ترغب في العيش.

تأثرت جدا بقصة احتضار الكلب .. وحب مينج له ..وقصة القرد العجوز الذي اجبرته الحياة على لعب دور يهين سنه ... اعجبني جدا حوار الصديقين والمقارنة بين الصين وبريطانيا واختلاف الثقافات بينهما .والقاء اللوم على الاخلاق وارتباطها بالسلطة والثراء والطبقة الاجتماعية بغض النظر عن ثقافات الشعوب .. فجميع من تخلى عن مينج لم يكونو بريطانيين ولكن الفقر وقلة الاخلاق من دفعهم لذلك ..

الجهل قد يمحو الذكرى .. حين حرقت زوجة الرسام ارثه الفني .. وحين حرقت زوجة خبير هواارليانج كتبه .. لم تكونا تدركان انهما تمحوا تاريخا وفنا وجمالا ..يقوم الزمن بفعل شيء مشابه .. يحرق الذكريات بموت انسان او بفقد عقله .. مستودع ذكرياته ..

عندما يكبر الانسان ويضعف عقله يصبح مثيرا للشفقة مهما كان ظالما او انانيا او جبارا في شبابه ... وهذه حكمة اخرى في الرواية .. الزمن يصلح النفوس ويعلم التسامح .. والانسان كائن هش جدا ولا يعلم من اين تأتيه الهشاشة ... أ من مرض .. ام شيخوخة .. ام اشاعة .. ام خيانة .. ام حتى من نكتة ... النكتة التي تضحكنا .. قد تكون احزان بشر .. وربما تسببت في موت بشر آخرين .. لذلك كانت هذه الرواية تاريخ آخر للضحك .. في مدينة اجادت القاء النكات

قيم وحكم كثيرة تحملها هذه الرواية مما لا تسعه مراجعة واحدة .. هي نوع من الروايات التي تبقي في النفوس علامة ...

كنت اتمنى مشاركة الصور المقتبسة من الرواية ولكن ذلك غير ممكو على التطبيق .. الصور حول لوحات الرواية وشخصياتها كما رأيتها بخيالي وبعض معالم الصين .. وثقافاتها...

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق