الفراودة: سيرة الفقد والإلهاء | دينا الحمامي.
دار النشر: ريشة للنشر، والتوزيع.
عدد الصفحات: ٢٤٦ صفحة.
التقييم: نجمة.
عَزيزي قارئ المُراجعة،
تبدأ الحكاية في قرية تُدعى "الفراودة"، حلّت على أهلها لعنة ألا يتم لهم أي زواج.
هكذا اعتقدتُ الحكاية ستكتمل، خاصةً في عالم القرية الصغير المليء بالحكايات، والخرافات، التي تحولت مع الوقت إلى أساطير كالنداهة، والغولة، والأولياء.
ولا أُنكر أنّني أُخذت بالبداية، ولكن سرعان ما أصابني الإحباط، فلم تسِر الحكاية على النحو المشوِّق الذي بدأت به، ولازمني الإحباط حتى انتهيت منها؛ فبدلًا من التركيز على قصةٍ بعينِها، وخلفيات الأشخاص، امتدت الحكاية لعدة قصصٍ متداخلة، أربكتني، ولم أستطع بعدها أن أجمع خيوط الحكاية، فلم يعُد هنالك بداية، أو منتصف، أو نهاية!
أستطيع الشعور بأن الكاتبة حاولت خلق رمزياتٍ ووضعها في صورة رواية وإسقاطها على الواقع، وبينما تفعل ذلك انسلت الحكاية من بين يديها، وجاءت مليئة بالكثير من التفاصيل والتشعبات والاستطرادات، الكثير الممل والزائد عن الحاجة، مثلًا.. لماذا قد يقرأ أحدٌ مشهدًا كاملًا يخبر بتفاصيل حركات راقصة، دون إغفال حركة؟
وإن كنت سأضع مثالًا آخر، فهناك شخصية "فخر" الدخيلة؛ فقد أحسست ألا مكان له في العمل، وأنه من بين تلك التفاصيل الزائدة!
طيلة النصف الأولِ من العمل، وحتى بعد المنتصف بقليل، تضمنت الرواية الدراما، والاجتماعية، والواقعية ثم وبلا أي مقدمات انقلبت إلى سحرية، وفانتازيا!
أؤمن تمامًا بأن هناك أعمال قد تقع تحت كل هاتهِ التصنيفات معًا، لكن إن كان في الحكاية متسعٌ لذلك، أو إن كان هنالك جدوى من ذلك. لوهلة شعرت أنه ما من داعٍ لتلك النقلة التي أسقطت النّص في هوة.
من ضمن عيوب العمل أيضًا أننا لو أزلنا أسماء الفصول ستتداخل الأصوات السردية للشخصيات، ولم نكن لنعرف من المتحدث.
فجميعهم فلاسفة، ولديهم أفكار عميقة، ورؤى، وهم في قرية، منهم من لم يكمل تعليمه، فكيف أصبح للجميع صوت سردي واحد وعميق؟
كذلك لا يوجد خلفيات واضحة بشكلٍ كافٍ عن أي شخص، فمثلًا.. طوال صفحات العمل لا أعلم شيئًا عن عناية سوى حزنها، وحزنها، وحزنها، ثم في النهاية نعلم أنّها تقرأ أشياءً عميقة، وتتعالج بأشياءٍ غريبة!
في الجزئية الأخيرة من العمل حيث تظل الشمس في كبد السماء، مُعلنةً عن نهار دائم بلا ليل!
لم أفهم كيف، وماذا عن باقي العالم، ماذا حدث، أين الإعلام من كل هذا، كيف حدث ذلك كله في صمتٍ ومعزل عن باقي العالم؟!
وماذا عن حمل "شاهندا" الذي بدأ قبل منتصف الرواية ببضع صفحات، ولم ينتهي حتى انتهى العمل!
فما دور الزمن في تلك الجزئية وقد مرّت أيام وشهور؟
❞ صدِّقني لم أعد أدرك ماذا يريد، وأعتقد أنه هو أيضًا لا يدري ماذا يريد، ❝
--ورد ذلك على لسان إحدى الشخصيّات، وأنا هنا أقتبسه لأوجه به سؤالًا للكاتبة علني أفهم.
من الواضح أنّ الكاتبة لديها متردافات جيدة، ولغةٌ قوية، لكنني شعرت بالارتباك طيلة الوقت تقريبًا، وكأن العمل وقع في فخ الإسهاب.
في النهاية أقول، هذا العمل كان يحمل بذرةً قوية في البداية من حيث اللغة والحكاية، لكنه لم يروَ بشكلٍ جيد، أنتظر أن يكون العمل القادم للكاتبة أفضل.
-سلحفاة القراءة 🐢📚