1️⃣ الموضوع : مراجعة نقدية
2️⃣ العمل : رواية الفراودة ـ سيرة الفقد والإلهاء
3️⃣ التصنيف : نفسية ـ إجتماعية ـ فلسفية
4️⃣ الكاتبة : دينا الحمامي
5️⃣ الناشر : ريشة للنشر والتوزيع
6️⃣ سنة النشر : 2024
7️⃣ الصفحات : 246
8️⃣ التقييم :⭐⭐⭐⭐
🔶 لما كان العمل هو المنتوج الفكري والأدبي الأول للقارئة الناقدة أولاً ، والكاتبة الواعدة ثانياً..فوجب علينا قبل المراجعة أمرين :
اولاً: أن نبارك لها مولودتها الجديدة .
ثانياً: أن نشجعها بكل قلوبنا على المضي قدماً بغض النظر عن كمالية وجمالية العمل من خلافه.
🔶 رواية "الفراودة سيرة الفقد والإلهاء" ، للكاتبة دينا الحمامي ، محملة بالأحلام الطامحة نحو المجد ، جاءت بقصة من جوف الواقع ، تقوم على أنقاض شخوصها ، تغوص الحكاية في أعماقك ، وتتجول بين أفرادها ، ترى قوماً تعرفهم وتسمعهم وتألفهم ، بآلامهم وأوجاعهم وسرورهم وشررورهم ، ولما كانت الرواية فيها من قلب الأشخاص ، فإننا رأينا عمقاً رهيبا داخل جنبات النفوس ، ظلمات بحر لجي والقارئ يغوص ، آمال والآلام ، حقائق وأوهام ، وقائع وأحلام .
🔶 تدور في حلقات مفرغة بين الفقد والإلهاء ، حول إختفاء والد وخطيب عروس ليلة زفافها ، بلا مقدمات ولا أسباب ، لعنة تقوم على رأس الحدث وتجلب على القوم الشقاء ، فلا يتم زواج بعدها لسنين طويلة ، وفي محاولات حثيثة من أهل القرية للخروج من الأزمة ؛ طرقوا جميع الأبواب والتفوا حول كل الأسباب .. الإنسانية والربانية وحتى الشيطانية ، ولما لم يجدوا للفقد حلاً ولا جلداً ، قرروا الإلتهاء عن هذا البلاء .. ففي سبيله سلبت حريتهم ، وعقولهم ، وأموالهم ، وحقوقهم ، بكل رضاً املأ في النجاة .
🔶 تعددت الأصوات السردية بتعدد الأشخاص وسارت في محاور زمانية ومكانية متعددة ، بين الريف وعاداته وحالاته وجموده ، وبين المدنية المحلية وآفاقها المتسعة ومرونتها وطبيعتها وجرأتها ، وأخيراً بين المدنية العالمية ونضوجها وثقافتها وتحررها ، تتجول هنا وهناك في إبداع ،لا يخرج في أول عمل .. إلا لقلم موهوب .
🔶 تحوير وتدوير لشخصيات متباينة ، بين توافق وتضاد ، وصلاح وفساد ، تعددت أحوالهم ، وتنوعت آمالهم ، وتغيرت ألامهم وأغراضهم ، بين مغبون وممنون ، ومجنون ومفتون ، وطامع وقانع ، ودافع وخانع ، لكل وجهة هو موليها ، والدنيا بينهم بين من يواليها ، ومن ضاقت عليه فيعاديها .
🔶 تصوير فائق لحياة مفعمة بالتفاصيل الدقيقة والخيوط الرقيقة ، تكاملت في تجسيد مشهدية ممتعة ، ودراماتيكية مقنعة ، برقت في خيال القارئ الذي سكنت جوارحه ؛ تستمتع لقصص الفقد الذاتي والعقلي والمادي والجسدي والمعنوي ، وسيرة الإلهاء التي رأيت فيها إسقاطاً على أحوال كثيرة عشناها وعايناها وما زلنا .. جمع ودمج مرن ، بين الحب والكراهية ، الحزن والفرح ، السعادة والتعاسة ، التحرر والقيود ، المرونة والجمود .. وماذا يجلب الفقد إلا الكرب والحزن والهم والضيق والنكد ، وماذا يرفع كل ذلك سوى الإلهاء ...؟
🔶 بلغة قوية ومتمكنة تُنزل المعني على اللفظ بلا اضطراب ولا جمود ، حين تطنب في المجمل بلا ملل ، وحين تختصر تصل لك بلا خلل ، سلسة بلا تعقيد ، وواضحة بلا تجويد ، لا يعتريها تكلف ، ولا غموض مغلف ، أدهشتني في بعض الفقرات ، أبدعت في أستخدام المحسنات ، وإن من البيان ، سحراً لا يُشان .
👌 الخاتمة:
الفقد وباء مميت ، يأخذ بك إلى الوهن ، والأخير إلى الغضب ، ثم الغباء ، فيركب الشيطان بنوعيه على رؤوس الأشهاد ، يستجلب القوة من الضعف ، والسلام من جوف الجحيم ، والعقل من أذيال البهائم ، فيركن الجميع إلى الخفوت ، والصموت ، ويتكاثر الداء ويعظم البلاء ، وتحل على اللعنة لعنات ، ومن قلب السوء سوءات .
🛑 أبرز الملاحظات:
1️⃣ استخدام لعنة العنوسة ، حيلة لبناء دراماتيكية العمل ، كانت قاصرة المعني .
2️⃣ ثبات الصوت والأسلوب السردي ، رغم تعدد شخوصه وظروفه ، أغفل الواقعية اللازمة لتوصيل المضمون .
3️⃣ الإهتمام بالإسقاطات الفلسفية والنفسية ، على حساب السلاسة الإستعراضية في تقديم الفكرة ، فلن يفهم المعنى المراد ، إلا ثلة من الأفراد.
4️⃣ سذاجة كبيرة تم تصوير القرية وأهلها بها ، في تلقيهم لسيرة الإلهاء .
5️⃣ تناول المشكلة وتقديم العلاجات الخاطئة فقط ، دون التعريج على العلاج الأصلح .
6️⃣ الخوض في بعض التفاصيل الدقيقة غير اللازمة ، والتى شابت العمل أحياناً ببعض الملل .
💠إقتباسات:
🔸❞ الجميع هنا موحولون بوهم الخلاص الذي سيأتيهم داخل جوهرة الخلود، يتحايلون على الواقع الأسود بأمل غير مستحَقٍّ في النجاة، ❝
🔸❞ أروي شجرة الياسمين ببذور الفراق فأحصد لهفة الغياب السَّادي الذي حرمني من تصويتك لصالحي، لأصبح رفيقتك في الجنة ❝
🔸❞ لا يوجد ما هو أشد ضراوة من وقع الغياب الذي يحصد أرواح الموتى والأحياء، مخطئ من يظن أن الغائب هو المغبون الأوحد في محيطه، يخلف غياب الأحبة تشوهات نفسية لا تندمل بمرور الوقت، ❝
🔸❞ أنتِ المرأة الوحيدة التي حلمتُ أن أرسمها حتى بعدما تمكَّنَت اللعنة من زمام ريشتي! وددتُ أن أحتفظ بنسخة عنكِ، نسخة فنية نادرة! تأتي ندرتها من أنها ستحظى بتوقيعكِ بعد انتهائي منها، وسأحتفظ أنا بها لتكون سلوايَ على ذنبٍ عدتُ إليه بملء إرادتي! ❝
🔸❞ «نحن بالكتابة نلوذ لنغتال من ظنناهم فرسان واقعنا، فالكتابة فعل إذابة لأبطال من جبال جليدية أحكمنا تشييدها، وهوت مع أول عاصفة عِشْقِيَّة» ❝
#أبجد
#دينا_الحمامي
#الفراودة_سيرة_الفقد_والإلهاء
#مراجعـــــات_محمـــــود_توغـــــان