🚫 قرأت "الفراودة" لعدة أسباب:
1️⃣ ثقة في قلم المبدعة دينا الحمامي.
2️⃣ تقديراً وتشجيعاً واحتراماً لها من القلب.
3️⃣ لأنني أحب الأدب الإجتماعي والتربوي والواعي.
4️⃣ لتدشين مكتبة وهبان مسابقة عليها...تمام يا مدير.
☀️ــ "الفراودة.. سيرة الفقد والإلهاء" للكاتبة Dina Elhammamy تعتبر من الأعمال الأدبية حثيثة الواقعية و التي تمزج بين الواقعية السحرية ، والتعبير الصريح عن معاناة الإنسان في ظل القيود الاجتماعية والثقافية والطبيعة البشرية ... تسلط الضوء على الحياة في الريف المصري، بتفاصيلها المتشابكة وجمودها وركونها ، والصعوبات والتحديات التي تواجه النساء والرجال في مجتمعات منغلقة على موروثات ثقافية متجذرة..تغوص بقوة في أعماق النفس البشرية ، ما بين الطموح والجنوح ، والإغلاق والإنطلاق .
☀️ــ الحبكة والقصة:
الرواية تدور في قرية منسوجة بروعة وحكمة وبطء من خيال الكاتبة ، تُصاب بلعنة غامضة تمنع الزواج فيها لأكثر من 15 عامًا، وهو ما يضع أهل القرية في حالة من الفوضى والارتباك ، يدورون ويروحون ويعودون ، كل حسب تطلعاته وإمكاناته ورؤيته ..
البطلة "عناية" كانت على وشك الزواج ، ولكن عشية قرانها يختفي والدها الحاج جميل وخطيبها كريم في ظروف غامضة…لتبدأ لعنة تطارد جميع الزيجات في القرية ، يجسد هذا الفقد الذي تعانيه "عناية" المحور الأساسي في الرواية، حيث تتحول القرية إلى مسرح للمعاناة الإنسانية ، والغموض المشوب بالسواد ، والبحث اليائس عن حلول عن طريق الدج*ل والشع*وذة.
والمتأمل في الرواية بعين القلب يستشعر تأملات عميقة حول الفقد والإلهاء ، وكيف تؤثر الأزمات على بنية المجتمعات ، تخفض وترفع ، تمنح وتمنع ، تجوع وتشبع ، تعقد وتمتع .. كما يُرى هناك أبعاد خفية في القصة تمس الروح الإنسانية وتبرز النضال الداخلي للأفراد في مواجهة مصير مجهول ، وهو ما يجعلها تلامس الواقع رغم الطابع السح*ري للأحداث.
☀️ــ أسلوب السرد:
دينا الحمامي تستخدم أسلوب السرد المسلسل والمتداخل ، حيث تمزج بين الواقعية والخيال والحياة اليومية لسكان القرية ، مما يجعل الأحداث تتدفق بسلاسة بين الخيال والواقع، هذا الأسلوب يُظهر قدرة الكاتبة على خلق عوالم متوازية يقص كل بطل قصته ، ويقف عند الحد الذي يثير شغفك ؛ ليكمل الآخر ثم اللذي يليه ، يستطيع القارئ الغوص فيها بسهولة ، حين تتشابك الشخصيات مع قوى غير مرئية تتحكم في مصائرهم ، وتصل بهم إلى النهاية .
☀️ــ اللغة في الرواية:
جاءت مميزة وقوية ، تجمع بين الفصحى البسيطة والعامية المرحة والموروثات الشعبية ، مما يُضفي على النص نكهة خاصة تعكس البيئة التي تدور فيها الأحداث ، تخليت للحظة أنني بينهم ، تغوص في اعماق اللغة القروية وأغانيها وأهازيجها وجمال الريف ، نقلت دينا الحمامي إلينا بواسطة اللغة ومفرداتها الجامعة والمانعة.
☀️ــ الموضوعات الرئيسية:
*العنوسة والفقد: الرواية تعكس بشكل واضح المعاناة التي تعيشها النساء في مجتمعات تُحكم بالتقاليد الصارمة ، حيث تمثل "عناية" وجميع نساء القرية نموذجًا للمرأة التي تجد نفسها ضحية لظروف خارجة عن إرادتها ، هذه الظروف ، المتمثلة في اللعنة ، تُظهر بوضوح كيف يمكن للأزمات الاجتماعية أن تتداخل مع العقبات الشخصية لتخلق حالة من الشلل الجماعي.
*الدج*ل والشع*وذة: تتناول الرواية موضوع الاعتماد على القوى الغيبية والدجلية والشي*طانية بوعي وبغير وعي ، لحل المشكلات، تلك المتمثله في الشيخ عبد القادر ، وهذ الأمر هو انعكاس لواقع مجتمعات عديدة تلجأ إلى هذه الممارسات عند الفشل في العثور على حلول منطقية، هذه الممارسة تُظهر الضعف الذي يعاني منه الإنسان أمام قوى الطبيعة والمصير.
*الواقعية السح*رية: بالرغم من أن الأحداث تدور في إطار واقعي، إلا أن اللعنة التي تصيب القرية تضفي طابعًا سح*ريًا على القصة، هذا المزج بين الواقع والخيال يمنح الرواية بعدًا فلسفيًا، حيث يُصبح من الصعب تحديد ما هو حقيقي وما هو وهمي، هذا الأسلوب يجعلني اتساءل عن دور المعتقدات الشعبية في تشكيل وعي المجتمعات.
☀️ــ الشخصيات
*عناية: بطلة الرواية، تمثل المرأة التي تحمل على عاتقها إرث العائلة وتواجه المجهول بشجاعة، شخصيتها تعكس القوة في مواجهة الفقد والتحديات، وتطرح تساؤلات حول دور المرأة في المجتمع وما تتحمله من ضغوط نفسية واجتماعية.
*أهل القرية: من إخوة وأصدقاء وجيران وعمال وموظفين ، يمثلون النمط التقليدي في المجتمعات الريفية، حيث يلتفون حول المعتقدات الشعبية ويعتمدون على الشع*وذة والدج*ل لحل مشاكلهم، شخصياتهم تُظهر ضعفهم أمام القوى الغامضة التي تحكم مصائرهم، وهو ما يجعلهم عالقين في دائرة مغلقة من التقاليد والجهل.
☀️ــ الرسائل :
الرواية تقدم رسالة واضحة حول ضرورة مواجهة الأزمات الاجتماعية بطرق منطقية بعيدًا عن الدج*ل والشع*وذة ،بعقل بالمنطق بالعلم والمعرفة والثقافة ، كما أنها تسلط الضوء على معاناة النساء في المجتمعات المغلقة، وكيف يمكن للتقاليد أن تصبح سجنًا يحرم المرأة من حريتها ويحد من خياراتها، دينا الحمامي تُظهر في الرواية كيف يمكن أن تتداخل قوى الفقد مع قوى الإلهاء، لتخلق حالة من التيه والضياع ليس فقط على مستوى الفرد، بل على مستوى المجتمع ككل.
☀️ــ الخلاصة:
"الفراودة" ليست مجرد رواية عن قرية مسح*ورة أو لعنة غامضة، بل هي رحلة في أعماق النفس البشرية، وصراعها مع الموروثات الثقافية والضغوط الاجتماعية، إنها دعوة للتفكير في كيفية مواجهة الأزمات والتعامل مع الفقد بطرق أكثر واقعية وإنسانية، بعيدًا عن الحلول الوهمية التي لا تجلب إلا المزيد من الضياع.
#أبجد
#الفراودة_سيرة_الفقد_والإلهاء
#دينا_الحمامي
#مسابقات_مكتبة_وهبان
#مسابقة_ريفيوهات_الفراودة