السرايا الصفرا
ل محمد الشماع رحلة في مذكرات مدير مستشفى المجاذيب ١٩١٦-١٩٥٣
الغلاف عليه صورة لل دكتور محمد كامل الخولي والذي قضى أكثر من أربعين عامّا طبيبًا للمرضى النفسيين والعقليين كما يقول الكاتب في الغلاف من الخلف ويضيف أن العمل هو رحلة تارخية واجتماعية ونفسية في مذكرات الدكتور لاستكشاف خفايا زمن وشخصيات تناولها الدكتور..
كتب د الخولي مقولة وضعها أيضًا الكاتب على الغلاف من الخلف عن وجود بعض الأذكياء والعباقرة داخل مستشفى المجاذيب وهم بين العقل والجنون، قادرون على الكتابة والتأليف والبحث، وضرب لنا مثلًا برجل في السبعين شغوفًا بالتاريخ، ظل يبحث ويطلب المراجع وهو في المستشفى ووضع عملًا فريدًا بخط اليد وللأسف لم يصدر في شكل كتاب مطبوع..
يهدي الكاتب عمله لعمته التي وجد في بيتها المذكرات والدفء..
ثم يوضع لنا مقدمة عن ادبيات التحدث عن المرضى النفسيين وخاصة إذا ما ذكرت أسمائهم .. وكيف تعامل الأطباء النفسيين مع هذا.. ثم حدثنا عن دكتور الخولي وكيفية وصوله للمعلومات الخاصة بسيرته ومؤلفاته..
ومن المهم أن نعرف أنه كان خبيرًا طبيًا في المجالس الحسبية والتي أصبح اسمها محاكم الأحوال الشخصية؟ وخبيرًا لدى المحاكم كلها.. وكذلك خليرًا يفحص كل المتهمين والمجني عليهم والمسجونين ويقرر حالتهم.. حتى أنه عرض عليه ٣٠٠٠ حالة..
ثم وضع الكاتب منهجًا لكتابه إذ كان عنوان د الخولي لحلقاته هو"٤٠ عامًا في حراسة أصحاب العقول" وضعها كمذكرات بمجلة المصور ثم ضمن الكاتب دراسات تاريخية ونفسية بأسلوب صحفي سلس كما يقول لفهم هذه المذكرات..
العمل من ثلاثة فصول ثم وضع الكاتب المصادر والوثائق والمجلات والصحف التي استقى منها مادته، خاتمًا عمله بملحق للصور..
قاتل يدعي الجنون فيثبت دكتور الخولي أنه مدع، طالب الطب الذي حاول اغتيال سعد زغلول، يدينه الدكتور بالجنون فيغضب منه الوفديين، نزيل ثري يعتقد أنه مالك للمستشفى التي يقيم فيها، وآخر يخدع الأطباء بوجود العفاريت ثم يضحك على فعلته مع د. الخولي.. زوجة أبي النواس التي نفاها هارون الرشيد فوقعت من الطائرة على عشب السرايا الصفراء وحينما قابلت الدكتور وارنوك الإنجليزي قالت له:
"❞ ورأت يومًا الدكتور وارنوك فنادته ثم قالت له: (أنا اكتشفت حاجة كويسة خالص) فرد عليها بجفاء: (اكتشفتي إيه؟)
- اكتشفت أن الاستعمار هو سبب جنوننا!
- إنتي مجنونة!
- أنا صحيح مجنونة، ولكن مفيش غير طريقة واحدة تعقلنا، وهي إنكم تخرجوا من بلادنا! ❝
أما مؤرخ المجانين الذي تحدث عنه الأديب في الغلاف فقد قال مرة:
❞ قال مؤرخ المجانين، أو مجنون المؤرخين، في كتابه: (يبلغ عدد المجانين في مصر الآن 7000 مجنون، هم الذين يعيشون في مستشفى العباسية ومستشفى الخانكة، وهناك آلاف من المجانين طلقاء، وهم أولى بأن يوضعوا في المستشفى، وأن يطلق سراح من فيها).. ❝
مجانين عقلاء ظلموا وأدخلوا المستشفى بسبب التحكم في ميراثهم، عقلاء مجانين عاشوا خارج المستشفى بسبب قوة سلطتهم..
حتى الظلم في الحب قد يكون سببًا لدخول أحدى المحبين للسرايا الصفرا..
كما أن أنكار أهل المريض أنه مصاب بمرض نفسي قد يؤدي إلى كوارث لا تخطر على البال..
أما المساجين الذين ادعوا الجنون، فحدث ولا حرج عن عددهم وحكاياتهم وكيف قام د. خولي بكشف أمر ادعائهم للجنون..
يستمر الكاتب في الحديث -بعيدًا عن دكتور الخولي-عن تطور الطب النفسي والاهتمام بالأمراض النفسية-مفرقًا بينها وبين الجنون-والتي تزداد مع الوقت الحالي مع قسوة الحياة والحروب والظروف الاقتصادية ويقول:
❞ لقد استخدم الخولي كلمة «مجنون»، وأطلقها على معظم حالات ما كتبه بشكل كبير، ربما لأنها الأقرب للاستخدام في الشارع، ولكنه بالتأكيد كان يعرف أن هناك فارقًا بين المريض النفسي والمريض العقلي ❝
❞ ويفرقهما الدكتور عكاشة في كتابه المرجعي «الطب النفسي المعاصر» بأن المريض النفسي هو الفرد الذي يبني قصورًا في الهواء، أما المريض العقلي فهو الذي يعيش في قصور الهواء تلك. ❝
أظهر الكاتب خبرة ممتازة في مجال الطب النفسي والتاريخ فوضع بين أيدينا كتابًا تاريخيًا نفسيًا رائعًا، تمنياتي له بمزيد من الأعمال والتقدم..
#نو_ها