إذا كانت قوانين المجتمع ونواميسه
تعتبر الأبله هو صاحب ذلك المخزون الفائض من الطيبة
من يمتلك قدرة لا محدودة على الحب
يحب كل من حوله، وكل ما حوله
حتى أولئك الذين يحملون له الكراهية ويسعون لإيذائه
يستطيع أن يمنحهم مودته وحبه
من يستطيع أن يغفر ويعفو، ويصفح ويُسامح
دون حتى أن يُطلّب منه ذلك
ودون أدني انتظار منه للعرفان بفضله وسماحته
من يقول كل ما يخطر في فكره، بلا حسابات معقدة
ومن لا يسيء الظن بما يقوله غيره، وتفسيره بسوء ظن وخبث
إذا كانت هذه صفات الأبله في مجتمعنا
إذا كان الحب والتسامح والطيبة هي البلاهة بعينها
فليتنا كنّا جميعًا بلهاء، كنّا سنصبح بالتأكيد أفضل حالاً مما نحن عليه الآن
من منّا يستطيع أن يغفر ويعفو عن من أساء إليه؟
من منّا-مهما امتلك من حب- يستطيع أن يحب
أولئك الذين نعلم يقينًا أنهم لا يشعرون تجاهنا سوى الكره؟
هل نقدر؟ هذا هو ما وضعني فيه دوستويفسكي
أأنا حقًا إنسان، أم بشري يكره ويغضب؟
صدقا لا أعلم
لا أعلم سوى أن القراءة لهذا العبقري تجعل مني شخص أفضل
إنسانًا أفضل..
حين اقرأ عمل ما، أشرع في الحديث عن العمل
وصف موضوعه، وأسلوبه، وتنظيمه...إلخ
مع دوستويفسكي، أعجز عن الحديث عن العمل واهمال كاتبه
أجد جلّ حديثي عن دوستويفسكي، وعبقرية دوستويفسكي
وإنسانية دوستويفسكي، وشخصية دوستويفسكي التي لن تتكرر
ومع ذلك لا أشعر أنني قد وافيته حقه
هناك أشياء من فرط جمالها، أقف أمامها عاجزة عن الوصف
الأشياء الجميلة-وكذلك الأشخاص- في نظري أشبه بقديسين
أو آيات ربانية؛ حولها هالة قدسية، هالة من نور
أشعر وكأن حديثي عنهم سينال من قدسيتهم
أو أن نورهم يسطع بقوة، لن تحتاج معها كلماتي لأن تقول الكثير
دوستويفسكي من القليلين الذين شعرت بجمال إنسانيتهم
بل شعرت بها تنفذ إلى أعماقي، وتحاول التشبث بيّ
ومن القليلين أيضًا الذين تجعلني حروفهم عاجزة عن التعبير
حروف دوستويفسكي، حروف من نور :))
تمّت