إن السخرية تضفي نوعاً من التضامن. فالمرشّح المختار للسخرية اليوم هو هذا، وغداً يكون ذاك، وبعده سأكون أنا. المختار للسخرية يلعن الساخرين بصمت، ولكنه لا يلبث أن يخضع لقدره، فهو يعرف أن ذلك ليس إلا جزءاً من اللعبة، وأنه في المستقبل القريب، ربما بعد ساعة أو ساعتين، قد يختار طريقة الثأر التي تتناسب مع ميوله. أما الساخرون، من جهتهم، فيشعرون بالتضامن والحماسة والظرف. وكلّما أضاف أحدهم توابل جديدة إلى السخرية، احتفى به الآخرون، وتبادلوا الإيماءات، وأحسّوا بشبق التواطؤ، ولم يعد ينقصهم إلا أن يعانق بعضهم بعضاً ويطلقوا صيحات النصر. وكم هو مريح الضحك!
الهدنة > اقتباسات من رواية الهدنة > اقتباس
مشاركة من مصطفي الشيخ
، من كتاب