غالبية الحكام، وربما كلهم، كان الواحد منهم يعاني دومًا من شعوره الضاغط الطاغي على نفسه، بأنه تولّى الأمر عن غير استحقاق فعلي. ومع طول ضغط هذا الشعور وطغيانه في نفس الحاكم، يتولّد عنده الإحساس باحتقار الذات. فإذا خلا هذا الحاكم أو ذاك بنفسه، وغاص عميقًا داخل ذاته، فما ثمّ إلا أمران يؤرقانه: كيف يحافظ على عرشه من الطامعين فيه، وكيف يتخفف من طغيان شعوره باحتقار الذات.. شعوره غير المعلن بالطبع.
وكان سبيل الحكام لدفع الأمرين المؤرقين، غالبًا، كالتالي: قطع الطريق على الطامعين في العرش، بقطع دابرهم! والتخفف من احتقار الذات، بتقريب الكبراء الحقراء؛ فكلما احتقر الحاكم حاشيته المقربين، وكلما بالغو في تبجيله وإعلائه بمداهنتهم إياه، خفّ عنده ذلك الإحساس باحتقاره لذاته.