ستة أشهر وانتهت الحرب. وانهزم صدّام بجيشه مشعلاً النيران في آبار النفط كالأطفال، وساعياً إلى كسب معركته الإعلامية مع شعبه الذي غُلب على حزنه، وأُجبر على أن يرقص باكياً، ابتهاجاً بالنصر المؤزّر في أمّ المعارك.
وخرج العرب من ذلك كلّه بآب الأسود، لينضمّ إلى أخويه الكبيرين، حزيران الأسود، وأيلول الأسود.
لأننا عندما لا نستطيع أن نضمّد الجراح نسوِّدُ الشهور.
بقي عندنا تسعة أشهرٍ تنتظر سوادها ما دامت فرشاة العرب لا تلد إلا السواد. ربما اخترعنا هذه التسميات حتى نوهم أنفسنا أن ما تلطَّخ بالأسود بضعة أشهر فقط، وأننا لسنا متسربلين بالسواد منذ عشرات السنين.
ستمرُّ قرونٌ قبل أن يصدر قرارٌ عربي بتغيير أسلوبنا في الرسم، وقبل أن يتوقف الزعماء عن توريث اللون الأسود مع صولجان الحكم إلى من يخلفهم. لأن مآسينا العربية متشابهة دائماً. لا أدري لماذا لا يغيّرون شكل طغيانهم حتى يصبح تاريخنا أكثر تنوّعاً على الأقل. ربما نمنح أحفادنا كتب تاريخ غير مملّة.
سقف الكفاية > اقتباسات من رواية سقف الكفاية > اقتباس
مشاركة من Afrah
، من كتاب