القاهرة مبهجةٌ، ومقلقة، ويقال إنها أكثر مدن الدنيا ازدحامًا في ابتداء ذهابي إليها، ومع بهجتي بالخروج من الأفق القليوبي الضيق، كنتُ أقلق ممن معي من التجار الذاهبين إليها بخيرات الأرض، لأنهم أكبر سنًّا وأكثر خبرة وعند وصولي، ومع بهجتي عند كراء حمارٍ لأركبه إلى «خان الوراقين» حيث وكالة فلتة، كنت أقلق من ازدحام الطرقات ومن نظرات الشحاذين والشُّطَّار والعَيَّارين، والعَسَس وعند عودتي، ومع ابتهاجي بالأجرة التي نقدني إياها فلتة، كنت أقلق على ما معي من المال، وأخشى عدم اللحاق بالجماعة العائدة إلى قليوب. وقد فاتني الركبُ يومًا، فاحترتُ حينًا ثم رجعتُ ماشيًا إلى فلتة الوراق، فهوَّن عليَّ الأمر وسمح لي بالمبيت ليلتها في الوكالة، ودعاني مساءً للعشاء معه.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب