الفنجانُ التاسع والأربعون..
أَخْرِج همومَك إلى الهواءِ الطَلق

قال لي الرجل العجوز الذي قد خَبُرَ من الدنيا ما لم أَخبُره: يا طبيب، لستُ مقتنعًا بوصفات الأدوية التي تصفونها للناس لوقايتهم من أمراض الضغط والقلب والسكري..
لديَّ وصفةٌ ناجحةٌ مجرَّبة وإن لم أكن طبيبًا؛ وليس عندي أدنى شك في أنها ستحل الكثير والكثير من المشاكل النفسية والجسمية.. إنها روشتة رجل خبير ثمانيني قد رأى من الدنيا العجب العجاب..
قلتُ بلهفة الأطفال: وما هي؟
قال: اضحك بصوت عالٍ حين تكون سعيدًا.. وارفع صوتك بالبكاء بلا خجل في أوقات حزنك!
الحقيقة هي، ولا سيما في هذه الأيام، أننا لا نضحك ولا نبكي..
وكأن ثمة شيء قد جَمَّد عضلات الوجه، وكأن قنينة الدموع قد جفَّت!
تظلُّ مشاعرناحزينة كانت أم سعيدة، حبيسة الصدور فتؤرِّقنا..
مشاعرُنا المكبوتة.. في أمَسِّ الحاجة إلى أن تستنشق الهواء الطلق!
حين تبتهج يا صاحبي، انقل بهجتك إلى آخرين لعلك تنقذهم مما هم فيه من كآبة..
وحين يضيق صدرك بهمِّك، استفرغه عند من تستريح لهم وإن كانوا قِلِّة..
وإن لم تجد أحدًا، فتكلم عنها مع نفسك، أو سَجِّلها على الورق..
قد يكون القلم والورق أكثر سخاءً من البشر في كثير من الأحيان!
أنت وهمومُكَ في معركة عظيمة، وستظل هذه المعركة قائمةً ما دامت همومك حبيسة صدرك..
انفثها الآن كما تنفث زفيرك، اطردها من أرض معركتك..
لا تجعلها تتراكم بعضها فوقَ بعض، فتضيق بها شرايينك وقلبك وعقلك ومزاجك النفسي..
كن كالأطفال.. الذين يُعبِّرون عن مشاعرهم بمنتهى التلقائية والأريحية ولا شيء يمنعهم من ذلك.
أنت تضع اعتبارات اجتماعية، ولا تريد أن تُخرج ما في صدرك..
ولكن الأطفال لا تعنيهم هذه القيود، هم يضحكون ويبكون فحسب!
مشاركة من Ahad Aldossary
، من كتاب