كلّ شيءٍ هنا أراه مسكونًا بالاستعارات: رائحة الكتب القديمة والغبار، جلبة باعة الزرابيّ والمفروشات، جدل الطلبة والشعراء والمثقّفين وهم يبحثون عن الكتب القديمة النادرة. حتّى حاويات الفضلات يمكن أن تعيش حولها قصصٌ واستعاراتٌ كثيرة.
أرى نهج الدبّاغين صعلوكًا مُنشقًّا عن المدينة، يجرح صمتَها، ويُدنّس زُهدها ويُبلبل نظامها ولذلك تركته المدينة العتيقة منذ زمنٍ بعيدٍ خارجَ أسوارها، فهو يعمل في دبغِ جلود الحيوانات، ولا يشرّف بقذارته الوُجهاء والسادة وحين شيّدت فرنسا مدينةَ تونس الجديدة تركته خلفَها مثل كلبٍ أجرب. فعاش النهج مهمّشًا في كلّ العصور التي عرفتها تونس. لكنّه عاش حُرًّا، ضاجًّا بأرواح الكلبيّين.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب