تجول في رأس الواحد منَّا أفكار كثيرة، ثم يصحو ذات صباح، ويقف أمام مرآة لا يتذكَّر أنَّه اعتاد الوقوف أمامها رغم أنَّها كانت دائمًا هناك، ولا يجد شيئًا يقوله لنفسه. ينتهي الكلام وتضمر الأفكار إلى ما هو مكرَّر ومُعاد ومكشوف وسقيم. لا يعود لازدحام الأفكار في الرأس أي معنى. تتفاقم الضجة إلى حد انتفاء مضمونها، فلا تُفيد فترات التأمل الصامتة. يبقى الواحد منَّا في السرير، ويحفظ كل تشققات السقف والظلال التي تخلفها أشعة الشمس في الغرفة حوله. وعندنا يقرِّر أن يمشي في الشوارع أو يسوق درَّاجته، لا يخطر بباله شيء. لا شيء على الإطلاق. ينظر إلى الوجوه حوله فلا يعرف إن كان يعرفها، ثم يهيَّأ له في اللحظة ذاتها أنَّه يعرفها كثيرًا، بما يكفي للتفكير بأنَّ كل شيء يبدو مألوفًا. لكنَّها ألفة موتِّرة مصحوبة بعدم القدرة على التذكُّر، وهو شعور بالفقد والثقة بأنَّ شيئًا ما لا يمكن تحديده زُرع في غير مكانه، وأدى لأن يخسر الزمن إيقاعه تباعًا، ليُبطئ ويسرع في آن. ولا يستطيع الواحد منَّا إلا أن يتساءل بلا قدرة على الإجابة: ما الذي حدث؟ وما الذي استدعى كل ذلك، وإلى متى يستمرُّ الأمر؟
حزن في قلبي > اقتباسات من رواية حزن في قلبي > اقتباس
مشاركة من هلال شومان
، من كتاب