منذ أكثر من ثلاثين عامًا، أجد نفسي كل جمعة أذهب إلى شارع المتنبي، مثل محب يذهب للقاء محبوبته، دون أن يدري ما المفاجأة التي بانتظاره وفي كل مرة كنت أشعر بنشوة غريبة لحظة النظر إلى الكتب، وغالبًا ما كانت الأغلفة تقذف بي إلى عالم مجهول، بينما كنت أرغب بكل كياني أن أغور في أعماق هذه الكتب، وحين أتمكن من الحصول على كتب جديدة، يبدأ قلق آخر، البحث عن عناوين جديدة أخرى كنت أبحث في رفوف المكتبات مرهوبًا بالأسماء، هذا تولستوي وذاك إيمانويل كانط، هنا يقف جان جاك روسو إلى جانب هنري برغسون، من بعيد ينظر إليهم سارتر ساخرًا، فيما فكتور هيجو لا تحلو له الصحبة إلا مع بلزاك في زاوية ما يقبع الجاحظ فيما يندب أبو حيان التوحيدي حظه، كنت مثل طفل ضائع وسط غابة كبيرة، يتطفل النظر في وجوه الآخرين، شعور بالسعادة يغمرني، وأنا أمارس لعبة بعث الكُتاب الموتى من قبورهم.
غوايات القراءة > اقتباسات من كتاب غوايات القراءة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب