«ما يهمني في الحقيقة هو الموت.. الموت في الوجوه الحية..إن للإنسان قدرةً خاصةً وفريدة على الموت وهو يمارسُ حياته طبيعيًّا، أن يموتَ دون أن يكون على درايةٍ كاملة بذلك، لقد صَادَفتُ الكثيرين ممن ماتوا في هذا العالم الغارقِ بالكرهِ والتّشفّي، ماتوا بلا حروب، بلا كوارث، دون أن تتعب ملائكة الموت، ماتوا، لأن الآخرين مستمرّون بقتلهم في مواقف لا حصر لها ولا إحصاء.
ماتوا، لأن الفقر يحولُ بينهم وبين الوصول إلى حبيباتهم، ماتوا لأن عليهم أن يدفعوا رشوةً للموافقة على معاملة حكوميّة، ماتوا من الذُّل أمام سطوة الجلاد، ماتوا لأن نار الكذب تذيب الأبيض في قلوبهم وتترك مكانه فحمها الخاص. ماتوا في اللحظة التي ضحكوا فيها على وجع الآخرين، عندما جَبُنُوا عن إيقاف صفعة تتجه إلى وجهٍ بريء، عندما لم يروا في شمسهم ظلمة الزنازين، في اللحظة التي صار فيها الظلم عدلًا إن عمّ وساد دون تمييز، ماتوا لأن كلَّ ما تعلموه عن الابتسام وحسن المعاملة يُسرق أوّل الوعي، كما تُسرق الراحة في أوجه العبيد.
نحن نموت كل يوم، تموت الفضائل كل يوم، ويموت معها كل ما يستحق الحياة."
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب