واصل سرده بلا انقطاع. كان حكيًا مثيرًا، كأنَّما يقصُّ عليَّ حكايةً خرافيَّة، أو كأنَّما أستمع إلى موسيقى رائعة. وبين الفينة والأخرى، كنت أُلقي نظرةً إلى أثاث السرير، حيث الأشياء الثلاثة ما تزال ساهرة. كانت هادئةً حتى ليبدو لي مستحيلًا أن تنطويَ على كلّ تلك القصص التي كان يتفوَّه بها. أرحت مجدَّدًا خدِّي على صدره. كان قد عزف الهارمونيكا في حفل تلاميذ. انكسرت يومها عصا المايسترو، فانفجر ضحك الجميع، وتوقَّف الحفل. جدَّتُه كانت تعطيه قرصَ ليمونادة تُخرجه من جيب مئزرها. وذات يومٍ، أكل منها الكثير فمرضَ. فغضبت أمُّه من جدَّته. وقد ماتت جدَّته من علَّةٍ تؤدِّي إلى ضمورِ العضلات ووَهَنِها شيئًا فشيئًا…
إنَّ سماع قصص الأشياء التي اختفت يُرهق بعض الأعصاب، لكنَّه لا يخلو من متعة. كان يصعب عليَّ تمثُّلُ كلِّ ما يحكيه، لكنَّ الأمرَ لم يكن يزعجني. كنت أفعل مثلما كنت أفعل أيَّام الأسرار الماضية مع أمِّي في القبو: أرخي أذنيَّ ببراءة. فينتابني شعورٌ كما لو أنَّني أبسط تنُّورتي إلى السماء كي أتلقَّف بها كلّ ما تسقطُه الآلهة من شوكولاتة!
شُرطةُ الذاكرة > اقتباسات من رواية شُرطةُ الذاكرة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب