ليلًا، يُعرِّيني، ويُبقيني واقفةً، ثم يعمد إلى جسدي ليعتني بزينته. الماءُ الذي يحمله في وعاءٍ، ساخنٌ جدًّا، فيملأ الحُجرةَ بُخارُه. ويقضي وقتًا طويلًا في تنظيف جسدي بالماء، حتى يختفي البخار من الحُجرة. يمسحني بالحركات نفسها التي يصقل بها الكرونومتر. أتساءلُ بدهشةٍ ما إذا كان الجسدُ البشريُّ أيضًا مكوّنًا من قَدْرٍ مماثلٍ من الأجزاء. يبدو عملًا لا نهاية له: الجفنان، ومنابت الشعر، والموضع خلف الأذنيْن، والترقوة، والإبطان، والحلمتان، والبطنُ، وتجاويف الحوض، والفخذان، وربلتا الساقيْن، وبين الأصابع… ليس يهملُ موضعًا. من غير أن يُبدي كللًا، أو ينضح منه عرق، أو تتبدَّلَ ملامحه، يلامس جسدي كلّه.
وبالطبع، حين يفرغ من تنظيفي، هو من يختار أيّ الملابس أرتديها. ملابسُ غريبةٌ، ممَّا لا نجده في العادة في محلَّات الألبسة. حتى إنَّني أتساءل: هل بوسعي أن أُسمِّيها ملابس؟ فأوَّلًا، مادَّتها ليست من مُعتادِ موادِّ الملابس؛ وإنَّما هي من بلاستيك، أو ورق، أو معدن، أوراق شجر، أو قشور فاكهة. فمتى ضغطتَ عليها، انسلخت عن الجسم، جارحةً الجلدَ، وعاصرةً الجسدَ. لذا ينبغي اتِّخاذ الحَذَر أثناء لبسها.
شُرطةُ الذاكرة > اقتباسات من رواية شُرطةُ الذاكرة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب