الفراودة : سيرة الفقد والإلهاء > مراجعات رواية الفراودة : سيرة الفقد والإلهاء
مراجعات رواية الفراودة : سيرة الفقد والإلهاء
ماذا كان رأي القرّاء برواية الفراودة : سيرة الفقد والإلهاء؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.
الفراودة : سيرة الفقد والإلهاء
مراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Randa
الفراودة: سيرة الفقد والإلهاء | دينا الحمامي.
دار النشر: ريشة للنشر، والتوزيع.
عدد الصفحات: ٢٤٦ صفحة.
التقييم: نجمة.
عَزيزي قارئ المُراجعة،
تبدأ الحكاية في قرية تُدعى "الفراودة"، حلّت على أهلها لعنة ألا يتم لهم أي زواج.
هكذا اعتقدتُ الحكاية ستكتمل، خاصةً في عالم القرية الصغير المليء بالحكايات، والخرافات، التي تحولت مع الوقت إلى أساطير كالنداهة، والغولة، والأولياء.
ولا أُنكر أنّني أُخذت بالبداية، ولكن سرعان ما أصابني الإحباط، فلم تسِر الحكاية على النحو المشوِّق الذي بدأت به، ولازمني الإحباط حتى انتهيت منها؛ فبدلًا من التركيز على قصةٍ بعينِها، وخلفيات الأشخاص، امتدت الحكاية لعدة قصصٍ متداخلة، أربكتني، ولم أستطع بعدها أن أجمع خيوط الحكاية، فلم يعُد هنالك بداية، أو منتصف، أو نهاية!
أستطيع الشعور بأن الكاتبة حاولت خلق رمزياتٍ ووضعها في صورة رواية وإسقاطها على الواقع، وبينما تفعل ذلك انسلت الحكاية من بين يديها، وجاءت مليئة بالكثير من التفاصيل والتشعبات والاستطرادات، الكثير الممل والزائد عن الحاجة، مثلًا.. لماذا قد يقرأ أحدٌ مشهدًا كاملًا يخبر بتفاصيل حركات راقصة، دون إغفال حركة؟
وإن كنت سأضع مثالًا آخر، فهناك شخصية "فخر" الدخيلة؛ فقد أحسست ألا مكان له في العمل، وأنه من بين تلك التفاصيل الزائدة!
طيلة النصف الأولِ من العمل، وحتى بعد المنتصف بقليل، تضمنت الرواية الدراما، والاجتماعية، والواقعية ثم وبلا أي مقدمات انقلبت إلى سحرية، وفانتازيا!
أؤمن تمامًا بأن هناك أعمال قد تقع تحت كل هاتهِ التصنيفات معًا، لكن إن كان في الحكاية متسعٌ لذلك، أو إن كان هنالك جدوى من ذلك. لوهلة شعرت أنه ما من داعٍ لتلك النقلة التي أسقطت النّص في هوة.
من ضمن عيوب العمل أيضًا أننا لو أزلنا أسماء الفصول ستتداخل الأصوات السردية للشخصيات، ولم نكن لنعرف من المتحدث.
فجميعهم فلاسفة، ولديهم أفكار عميقة، ورؤى، وهم في قرية، منهم من لم يكمل تعليمه، فكيف أصبح للجميع صوت سردي واحد وعميق؟
كذلك لا يوجد خلفيات واضحة بشكلٍ كافٍ عن أي شخص، فمثلًا.. طوال صفحات العمل لا أعلم شيئًا عن عناية سوى حزنها، وحزنها، وحزنها، ثم في النهاية نعلم أنّها تقرأ أشياءً عميقة، وتتعالج بأشياءٍ غريبة!
في الجزئية الأخيرة من العمل حيث تظل الشمس في كبد السماء، مُعلنةً عن نهار دائم بلا ليل!
لم أفهم كيف، وماذا عن باقي العالم، ماذا حدث، أين الإعلام من كل هذا، كيف حدث ذلك كله في صمتٍ ومعزل عن باقي العالم؟!
وماذا عن حمل "شاهندا" الذي بدأ قبل منتصف الرواية ببضع صفحات، ولم ينتهي حتى انتهى العمل!
فما دور الزمن في تلك الجزئية وقد مرّت أيام وشهور؟
❞ صدِّقني لم أعد أدرك ماذا يريد، وأعتقد أنه هو أيضًا لا يدري ماذا يريد، ❝
--ورد ذلك على لسان إحدى الشخصيّات، وأنا هنا أقتبسه لأوجه به سؤالًا للكاتبة علني أفهم.
من الواضح أنّ الكاتبة لديها متردافات جيدة، ولغةٌ قوية، لكنني شعرت بالارتباك طيلة الوقت تقريبًا، وكأن العمل وقع في فخ الإسهاب.
في النهاية أقول، هذا العمل كان يحمل بذرةً قوية في البداية من حيث اللغة والحكاية، لكنه لم يروَ بشكلٍ جيد، أنتظر أن يكون العمل القادم للكاتبة أفضل.
-سلحفاة القراءة 🐢📚
-
Rahel KhairZad
الفراودة: سيرة الفقد والإلهاء
دينا الحمامي
ريشة
388
2024
⭐️⭐️⭐️
■ نحن لا ندرك مفهوم دوران شريط ذكرياتنا وما يتبعه من توثيق أحداثها إلا حينما نتعامل مع ذواتنا مثل مجموعة من ملايين المشاهد السينمائية، إلا عندما نفهم استنطاق أرواحنا في كائنات مادية اكتسبت قيمتها بوجود كلمة الكون بداخلها فاستحالت من ثمة أشباح -رهن التحميض- إلى كيانات ملموسة ملونة تؤدي أدوارها المُعَدَّة لأجلها على شريط العمر.
تبدأ الرواية بحدث جلل وأي شيء اعظم من اختفاء عريس في يوم عُرسه والعروس تنتظرة هي وأهل القرية بل والأعجب أنه إختفى ووالد العروسة فما السر المحيط بهم تتوغل في أحداث الرواية لعلك تعرف أين ذهب المفقودان لتتفاجأ بلعنة تحل على قرية الفراودة كلها وكانت البداية بهذا الإختفاء لتصير القرية محرومة من الزواج لمدة 15 عام تنتهي فيهم الزيجات قبل أن تبدأ على أهون الأسباب فهذا لم يحضر عيد ميلاد حماه وتلك التزمت بقرار عدم الإختلاط حتى تتم الزيجه.. وهكذا العديد والعديد من الاسباب الواهية وبالطبع نتيجة لذلك محرومة القرية من الإنجاب أيضا فما هذا الصخب الذي لا ينتهي ولا يزول.
في ظل هذا الكم من الجن.ون تستشري الأمراض النفسية والمجتمعية أكثر من العضوية فتجد القرية تلجأ للد.جل والش.عوذة متمثلة في الشيخ عبد القادر وأعوانه أو حتى تطبيق إلكتروني مثل غضب.ة السماء أو اللجوء لعقد زيجات وهمية المهم تكون في "المود احسن تكتئب" كل شيء مباح عسى أن تنحل عقدة القرية وتذهب اللعنة بلا رجعة.
كلما توغلت في قراءة العمل أدركت مدى التشابه المؤلم ما بين واقعك وواقع القرية المُزري فالإسقاطات واضحة ومتنوعة ما بين حالية والمتمثلة في هوان القرية وضعف أهلها وغفلتهم فعمدوا الي الوهم في زيجاتهم بدلا من الواقع ولجأوا للسماد السحري والعمل كعبيد عن السعي والكد من أجل الرزق وركنوا لمن يطعمهم ويدير شؤنهم لئلا يحملوا هم تفكير ومسؤلية والكل ينتظر أن تأتي النجدة على طبق من ذهب وهم يرتعون كالأنعام بل أضل أن أمكن القول. كما تطرقت لجانب آخر من الاسقاطات على الماضي ولعنة فرعون وموسى عليه السلام وما تبعها من آيات لمُستحقي العقاب في إشارة منها لإستمرار تكرار الأخطاء والعقاب عليها في دائرة مفرغة فتنتهي بتطهير الأرض والبدء من جديد مع من آمنوا أو تجنبوا الآثام في عصرنا الحالي وكانوا انقياء السريرة وإن كنت لا أجد منهم أحد في القرية فالكل مُدان ومن لم يكن شيطان بالفعل أضحى شيطان بالصمت على المعاصي والتخاذل عن نُص.رة الحق.
أضف إلى ذلك ما ناقشته الكاتبة من مشكلات أخرى منها نظرة المجتمع الريفي للمرأة وأنها منبع الآثام والشرور ومستحق العقاب الأول والاخير في مجتمع شرقي بحت يتعامل مع الذكر كإله معصوم ناهيك عن نظرته للمرأة ربيبة المدينة من إنفلات أساسي بالرغم من ان هذا الانفلات كان له نصيب الأسد في القرية ونساءها فلنا في عناية أسوة أو في إبنة الناظر المغدورة، وها هي مشاكل التربية كالعادة تُكشر عن انيا.بها فتُخلف أطفال مُش.وهين نفسياً ما بين ضع.يف الشخصية او المُنفلت الذي يُعاقر الخ.مر منذ الصغر في حلقات القرآن أو من يه.رب من القرية وينفلت زمامه باحثاً عن هويته بأي طريقة كانت والجميع بلا استثناء من الرجال مشتركون في قلة الحيلة فوحدهن النساء من قررن التمرد في نهاية الأمر. هذا ولا نغفل مناقشتها لمتطلبات كل من الجن.سين الحمي.مية وكيف تكون الحاجة المُلحة باب لهوة عميقة لا قرار لها وأيضا تحدثت عن مفهوم العدالة في المجتمع وربطت بين بعض الأساطير الإغريقية وبعض الشخصيات على ارض الواقع.
ناقشت الرواية ايضا مفهوم الزواج ومتطلباته وتبعاته كما ركزت على شعورين أساسيين وهما الفقد سواء زوج أو أم كما مع أميرة او حبيب كالكثير وشعور الإلهاء المتمثل في غفلة القرية وسعي نائل الدؤب لإلهاء أهل القرية ونهبهم حتى أصبح ما يأمر به مُطاع فكانت الغفلة بترك المنابر له وهدم المقابر والتحكم في المحاصيل والكثير غير ذلك حتى وصل الامر لوضعهم في قفص كبير كالدواب تُسمّن حتى تحين الأضحية وقد كان.
بالرغم من أنه أول عمل للكاتبه فقد تمتع بلغة قوية فصحى سردا وعامية حوارا وبها من التشويق ما يستحثك على إتمام العمل حتى تصل لحل هذا اللغز.
لم اقتنع بالنهاية للأسف وإن كان هذا ما يحتمه الإسقاط في رأي الكانبة ولكنها جاءت غير مُرضية وفانتازية إلى أقصى حد وكأن أم عناية هي مصدر اللعنه ومنبعها كما كانت الحبكة مفككه في بعض المواضع التي كان من الممكن تفاديها وكأن العمل تم الانتهاء منه بغتتة فقد آن وقت النشر فلا وقت للتدقيق والتمحيص.
●بعض المآخذ والتساؤلات:
•صوت الشخصيات كان موحد فالكل متفلسف متمنطق بلا أي داعي فلا فرق بين عناية أو مُنصف أو فخر أو أميرة وهكذا.
• لغة العمل قوية وفي المنتصف تجد مفردات غريبة او لنقل لا تليق بلغة العمل فتبدو مُنفرة لوضوحها مثل "هبر/ لهط/ تبول/ زلط" بالاضافة الى الجمع بين الفصحى والعامية في نفس الجملة مثل ❞ - لا حول ولا قوة إلا بالله! وهو كفك ده مش حتة منك! أستغفر الله، لعنة الله عليه وعلى نائل وما يجلب لنا، نرجع قبل ما أرتكب جر.يمة❝
• شخصية مُنصف ولغته غير موفقة بالنسبالي فمن ذا يقول لحبيبته "حنانيكِ" حتى وإن كان مدرس لغة عربية وفي نفس الوقت لا مانع من قول عناية "لهفي عليك يا أبي" او مصطلح "البسوكوشينبوتسو" وهي ليست بلغة قرية أو فتاة تعمل في مشغل وبالعودة إلى مُنصف تجده يصف اليوم ب"المُخنث" كيف نصف يوم بهذا الوصف أضف علمه ب "توينكات" الراقصة و "الأفتر بارتي" وكريستال "شوارفسكي" وام عناية التي لولا علمه بزهدها لاعتقد يوم مماتها انها تتناول فيتامين ه "ده انا معرفش فايدة فيتامين ه للبشرة والجسم🤔" بإختصار كان أقرب للفتاة منه لذكر وخُتم الأمر بإستغلال عناية له مقابل طبق من التونة والسلمون وبعض العصير ومثلهم لأمه.
• اختفاء شريف وظهوره المفاجئ في نهاية الرواية بمنزله غير واقعي نهائي كما أن نهاية والدتهم غير مقبولة كثير يشعر بدنو الاجل ولكن ليس بهذه الطريقة والكيفية لإتمام الأمور فكانت كأنها ذاهبة لتنام لا لتسلم روحها لبارئها.
• تصرفات نائل من حيث البزخ غير مقبولة وكميات الطعام واصنافها حتى انك تجد كلاب الحراسة تأكل حمام محشي مكسرات"ده انا مأكلتهوش في صباحيتي🥺" أضف قرارت الهدم للمدرسة والمقابر والبيع والإحتكار وغيرهم اليست هذه القرية تابعة لحكو.مة تتصرف فيها فما هذا الجبروت واين هم المسؤلين.
• فقرة العُرس الجماعي الوهمي في المقابر فاقت التخيلات والوصف وكأن البلدة أصبحت مرعى للمجذوبين ليس الا .
• مشهد ميلاد اشرقت والتواشيح ودعاء اطفال القرية لها حتى تصل سالمة من اين اتى الاطفال والقرية لم يتزوج فيها احد منذ 15 عام هل انقسموا ذاتيا ك"الاميبا" مثلا الا اذا اعتبرنا ان "شحط عنده 15 طفل وبيمشي يهلل ويقول يا لطيف يا رب"
• ظهور ميسِر بك وذهابه بهذه الطريقة استفزني كما استفزني وجود أميرة بأفكارها الغريبه عن المُساكنة ولهوها مع مُخلص وفخر ونائل وزواجها من غيرهم اصلا اااااه و "محسن جه متأخر🙈".
• الظاهرة الغريبة لد.فن المو.تى في حديقة المنزل من قبل حتى هدم المقابر انتحدث عن قطط هنا أم بشر .
أحببت الاغاني بما اضافته من حس فولكلوري للرواية كما شعرت أن أسماء الشخصيات ذات دلاله على تفكيرهم ونوازعهم النفسية ومعتقداتهم .
في الختام العمل كفكرة جيد لولا المبالغة في الوصف والاسهاب الذي يجلب الملل احيانا بالاضافة لما سبق ذكره وان كنت ذكرته فلثقتي في الكاتبة وفي قدرتها على رتق ما تهتك في النص ليظهر في أبهى صورة فهذا المقصد من هذه الملاحظات وفي إنتظار العمل القادم .
مضاف مقطع من فيلم يعبر عن حالة المجتمع في ظل ظروف القرية .
■إقتباسات:
• لا يوجد ما هو أشد ضراوة من وقع الغياب الذي يحصد أرواح الموتى والأحياء، مخطئ من يظن أن الغائب هو المغبون الأوحد في محيطه، يخلف غياب الأحبة تشوهات نفسية لا تندمل بمرور الوقت، وتنفتح مع كل ذكرى وحدث حزين أو حتى سعيد لا يمكننا مشاركته بصحبتهم، ليتمدد الجرح وتزيد النوائب من وطأته حتى يصبح عقدة لا تنحل.
• ليكن عزاؤك في الفراق هو امتلاكك ولو للحظات لما سلبته منك الحياة، فأبدية الفقد يعوِّضها ذاك الشعور بأن الكائن الذي خرج من حياتك كان لا شريك لك فيه بأحد الأيام.
• أصبح الموت أملاً في قرية لا أمل فيها ولا سبيل للحلم.
• فأنت يا أخي بمجرد ولادتك، يُدرج مصيرك في سلسال غرائبي من المقايضات على هويتك ومعتقداتك .
-
Hager Hegazy
تنويه : المراجعة لمن قرأ الرواية فعلا فربما يكون فيها قليل من الحرق...
* ( وددت لو كان الواقع اقل" اسطرة") ...
وكما لكل اسطورة لعنة..( اخترق الواقع بفظاظته سياج الخرافة) فاصاب قريتنا في مقتل
اسطورة الفراودة..
هل الفراودة حقا رواية اجتماعية لقرية مصرية؟ ام انها اسطورة تختلط بها الخرافة بالحقيقة؟
ظنت احدى البطلات (ان العالم تدور رحاه بين الشر المطلق والخير المطلق..حين توحدت مع الابطال الخارقين الذين يتلافون الخطايا ويدفعون بارواحهم لمجابهة الشر )... ولكن كاتبتنا رأت الا شر مطلق ولا خير مطلق فصادت شرا من داخل شخصية الطيب واستخرجت خيرا من شخصية الشرير.. وظلت تناورنا من الطيب ومن الشرير في روايتها...
في هذه القرية دفعت النساء ثمن خطايا الرجال.. ودفع الرجال خطايا آبائهم الرجال ايضا بالاضافة الى خطاياهم...وبصفة النساء واهبات الحياة في الاساطير القديمة لامتلاكهن الارحام.. فقد حملت الواهبات وزر انقطاع الحياة.. وحاول الرجل ان يكون هو الواهب عن طريق تحويل الخصوبة الى النباتات عوضا عن النساء.. فهل سينال نائل ما اراد؟ وهل سييسر له ميسر وسماده السحري ذلك؟ وهل سيصلح الرجال ما افسدته اللعنة.؟..
ماذا فعل اهل هذه القرية حتى يستحقو تلك اللعنة؟ باي ذنب لعنوا؟
* سيرة الفقد والالهاء... هذان هما محورا الرواية
الفقد لا يكون فقط بالموت... بل ايضا بالحياة.. الحياة في دروب مختلفة.. فتفرق اهل البيت الواحد مرة بالموت.. مرة بالاختفاء.. مرة بالخذلان.. مرة بالاغتراب والعزلة .. مرة بالتوحش.. التوحش هو نقيض الانس.. فالاخ الذي كان يشارك اخوته اصغر تفاصيل يومهم قد يتوحش يوما ما وينفر كما ينفر حيوان عن قطيعه فيقاتلهم جميعا وكأن طائف من الشيطان مسه فتبدل حاله.. فقد تلو فقد تلو فقد...
كان الفقد بكل صوره هو لعنة هذه القرية.. ثم جاء الالهاء ليحتملو كل هذا الفقد.. وليبررو كل هذا الفقد فهكذا هو الانسان دائما.. يبحث عن مبرر لما لا يعجبه من قدره.. فيجلب كل المبررات غير المنطقية عوضا عن ان يلوم نفسه ويرجع ما أصابه لأخطائه وذنوبه هو..
اذن( فهؤلاء الناس يستحقون هذا الزعيم " وهذا المصير" وسيكون من المجحف ان يحظو بقائد غيره " ومصير غيره") هؤلاء القوم صدقو الخرافة ونزعو عنها خطاياهم وتمادو في الخرافة وفي الخطايا حتى لبستهم الخرافة واصابتهم بما لم تصب به احد من العالمين فصارو هم الخرافة وصارو اضحوكة العالمين...
الالهاء جاء جنونيا وغير منطقي.. تماما كتبريرهم للفقد الذي كان ايضا جنونيا وغير منطقي.. فنقل هذا الجنون الرواية من رواية اجتماعية شيئا فشيئا الى رواية فانتازيا مجنونة.. وكأن الكاتبة ارادت من البداية ان ترمي كرة صغيرة من حدث يمكن ان يسير بشكل منطقي لحل لغز اختفاء احدهم.. ولكن جنون اهل هذه القرية الظالم اهلها والجاهل اهلها والاحمق اهلها جعل الكرة تتدحرج ببطء وتكبر باحداث وتبريرات لامنطقية حتى صارت كرة كبيرة من الفانتازيا..
تدحرجت انا كقارئ مع هذا التدرج شيئا فشيئا وبسلاسة لم تشعرني بتصاعد اللامنطقية... فلا يحق لي ان انعت بعض الاحداث باللامنطقية لان لا شيء منطقي في هذه الرواية مع تصاعد الجنون والمجون والبذخ والتحايل على فطرة الله وعلى شريعة الله... وكأن لامنطقية الاحداث متناسبة تماما مع التفسير اللامنطقي الاول للفقد.. لقد كفروا بالقضاء والقدر فعاقبهم القدر على قدر عقولهم.. وزادهم جنونا وخنوعا لمن استغلو حالتهم وعوقبت انا كقارئ صدق اللعنة من البداية بالا اعرف مثلهم تفسيرا لما حدث فجاءت النهاية فانتازية ايضا..
اكملت القرية رحلة جنونها وغبائها بمنتهى الرضا و السعادة ولم تدرك القيد الذي يلف حول رقبتها حتى ارتفع القيد وشكل سورا عملاقا يحجزهم خلفه كحيوانات بلا كرامة... ومازالو مغيبين لا يدهشهم شيء.. مسحورين ملعونين...
هذان هما خطي الرواية.. الفقد والالهاء... جاء عاما للقرية.. وجاء خاصا عن الشخصيات.. كل شخصية ماذا فقدت وبماذا التهت.. الشخصيات متعدده والسرد بطريقة اشبه بالرسائل من طرف واحد بصيغة المخاطب لشخصية اخرى..
* اسماء الشخصيات كان لها مؤشرات على ما اعتقد..
فالاب جميل لم يكن جميلا.. وكامل لم يكن ابدا ابدا كاملا... سعيد لن يكون سعيدا.. ميسر يسر الفساد ولعب بالجميع الميسر.. نائل ظل ينال ما يريد حتى نال ما يستحق .. فخر كان ممكن ان يكون فخرهم لانه الاعلى تعليما لكنه نأى بنفسه ودخل كهفه واعتزلهم وما يعبدون.. شريف هو النسخة الشريفة من الاب جميل.. مخلص لم يكن مخلصا.. ومنصف كان منصفا لانه الوحيد الذي كان يحكي الحكاية وهو يرقبها عن بعد وليس طرفا فيها..حتى وان كان يرقبها بعين واحدة
اما النساء :
فعناية هي المعنية بهذه اللعنة.. والمتحملة الاولى لوزرها.. ذكية هي المراة الذكية الوحيدة التي تحدت حمق قريتها واجرت سنن الله في خلقه بتزويج ابنتها زواجا كاملا نتج عنه طفل كامل... بسنت معناها الزهرة الناعمة.. فاذا صحت نظريتي باستبدال الزعيم المجنون خصوبة النساء بخصوبة النبات الذي يعشقه سيفسر هذا حرصه على الارتباط بزهرته الناعمة بسنت...وداد تود الجميع.. الست راضية هي راضية مستسلمة صامتة طوال الاحداث.. تبكي الفقد في صمت وتطبخ لتنابله السلطان في صمت...
نورا هي نور انعكاس عناية بكل نجاحاتها و انكساراتها
نورا وشريف هما عناية وكريم في حياة اخرى.. لذلك حرصت عناية طوال الرواية على استكمال فستان نورا كأنه فستانها هي..
اما اميرة فهي ذاتها الجنية التي اغوت جد جدها ووهبت نفسها لكل رجال الرواية ثم بهتت وتبدل لونها كما حدث للجنية واختارت طريقا آخر ..
هذه كانت رؤيتي للشخصيات..
* الاسقاط السياسي واضح لحاكم استخف قومه فاطاعوه.. ( وهكذا حتى يأكل الجميع.. مادام الناس يأكلون فلن يسألوك على شيء ولن يطالبوك بشيء ولو طلبت منهم ان يلقو بأنفسهم في الترعة فانهم سيفعلون)..
* الاسقاط الاجتماعي ايضا واضح من تفشي الجهل والتدين المزيف والموروثات الاجتماعية الخاطئة في بلادنا..
* الكاتبة متمكنة من اللغة العربية من مفردات وتعبير وبلاغة... الاستعارات والصور الجمالية ووصف النباتات والزهور في الرواية ساحر بكل معنى الكلمة تنم على ذوق فني راق وخيال بصري جمالي للكاتبة
ظني ايضا ان النباتات والزهور تحمل دلالات على الشخصيات كياسمين عناية وبرتقال وجهنمية نائل ونخيل وداد...
* المواويل الشعبية كانت متناسبة مع الاحداث واضفت طابعا قرويا محببا.. ولكن كنت احب ان يكون الحوار ايضا باللهجة الفلاحي حتى وان كان الابطال يروون الاحداث بلغة فصحى فلسفية..
* ما يعيب الرواية هو الاطالة في بعض المواضع... في حين ان بعض المواضع كانت مبتورة ولكن اعود فاقول ان هذا البتر جزء من لامنطقية الاحداث وتلغيزها .. وهذا هو الجو العام للرواية.. جزء من الفقد والالهاء..
* الغلاف جاء ملونا زاهيا كنباتات القرية.. ولوحات فخر.. ( الرسمة ريحتها حلوة يا ولا).. الرسمة رائحتها فقد بان في الوجه الرمادي الكئيب بينما احاط لون الالهاء الزاهي بالوجه ليحتمل كل هذا الفقد.. ويبرر كل هذا الفقد...
🌹 شكرا للكاتبة على عملها الاول.. شكرا Dina Elhammamy ...امتعتنا الرواية فعلا وتدحرجنا معها من الواقعية الى الفانتازيا بكل سلاسة.. وعشنا مع شخصياتها.. بالتوفيق في عمل قادم باذن الله 🌹
تحياتي.. وعذرا للاطالة... ❤️
السابق | 3 | التالي |