اقتباسات من رواية كفر عسكر 7 - سنوات اليتيم التائه

أعرف أن الموت هو مصير كل البشر، لكن جدي كان كيانا مختلفا بكل المعايير، كأنه ملاكا نزل على الأرض وعاش بأسلوب مغاير لأنه هبط على أرض خشنة، فعاش أياما خشنة وحرم نفسه من كل شيء إلا تربية الكيان التالي له، لكن أبي لم يكن مثله ولن أكون مثله أبدا لأن جدي كان يرى المخاطر الوافدة نحونا من بعيد ويتحاشاها.

لكنك كنت في الغياب الكامل والسنوات تجري والحروف تتحرك أمامك وتعايرك لأنك لم تبح بكل ما كان من اللازم أن تبوح به لناسك لو جاءوا من بعدك بأن تترسم خطوات أجيال سبقتكم وسبقت الدنيا قبل أن تكتمل وتتحول إلى دنيا مرسومة كدائرة محمولة على حامل، تلفها وتضع يدك فوق جذورها العريقه فلا تجد غير أهلك وناسك ومساحات أرضكم التي ورثتموها ولم تتمكنوا من استثمارها فضنت عليكم بقمحها وفولها وبلحها وتينها وعلف مواشيها.

يُذكّرني أنني أوشكت على إكمال العقد الرابع من عمري، وأنني أعيش في منطقة الخطر من احتمالات متشائمة ومقبضة بأن أترك الدنيا بلا أثر محسوس في أنفاس تلتقط الهواء وتخرجه زفيرا قادرا على أن يبث في الأرض أمنيات جديدة في نبت جديد يؤكد الوجود لأن الأمنيات تولد والأرض تتجدد حتى ولو تعرضت لمخاطر يمكن أن تنزاح بأجيال سوف تأتي وتضع أسس التحرر الكامل والخلاص والرخاء والحب والطمأنة.

تساءلنا عن أرواح الآباء والأجداد الذين رحلوا عنا وشعرنا أن أرواحهم ما زالت تحوم حولنا موغلة في الاقتراب أو التباعد برغم مفارقتها لحياتنا، لكنها تبقى لتحوم وتنفي فناءها وتعلن أنها ترفض الفناء المجاني، وقد سبقونا في الحياة أزمانا نخطئ في حساباتها ونختلف، لكننا نستعيد ما توافقنا واتفقنا عليه مع بعض من عاشوا في البدايات لأننا نؤمن أن أرواحهم باقية لتحوم في الفراغ المفتوح الذي لا تحده حدود أو يفنيه الزمان من أي مكان

هل كنت سلالة فريدة أو نادرة في نوعها أم أنك عشت واهما ومخدوعا في ذاتك

اليتم جحيم يتجسد ماردا أو مجموعة مردة تسعى لعذاب أمثالنا على سطح الأرض ولا تكف أو تشبع

السلام لا يتأتى لمجرد رغبتنا أو رغبة من يدخلون الصراع في مواجهتنا، بل إن ما يسود منه هو جزء كبير أو هزيل من السلام، ربما لأن من خاصمناهم أو صارعناهم على امتداد الأزمنة الفائتة تركوا على الأبدان علامات الخبطات بآثارها، وظلمونا كما ظلموا أصولنا وأجدادنا، فهل تضمنت أي اتفاقية للسلام بيننا وبين خصومنا مثل هذه البنود بدقة وعدل؟