اقتباسات من رواية شمس آل سكورتا

كأنّ إيمانه لا يوفّر له أيّ عزاء.

فقط في آخر يوم من حياة المرء يمكنه القول إذا عاش سعيداً أم لا. قبل ذلك عليه بالسعي قَدرَ المستطاع. اتبع طريقك، يا إيليّا. لا أكثر.

لقد رفضوني، يا دون سالفاتوري، وقضي الأمر. شعرتُ بالخجل من نفسي وأغضيتُ كي لا تصادف نظراتي نظراتِ أخويّ. كانا صامتين بجواري. فرحتُ أتأمّل صفّ المهاجرين الطويل الذين يواصلون تقدّمهم أمامي، ولم أفكّر عندها إلاّ في أمر واحد: «كلّ الاولادِ الذين يعبرون، حتّى تلك الهزيلة هناك، وحتّى ذاك العجوز الذي قد يهلك في غضون شهرين، كلّ أولئك، إلاّ أنا، لماذا أنا من دونهم جميعاً؟

هناك وسط أولئك التائهين، وسط هرج الأصوات واللهجات كنّا في ديارِنا. ومن أحاطوا بنا هم إخواننا بدلالة الوسخ الذي يغطّي سحنهم، بدلالة الخوف الذي يعصر أحشاءهم، كما يعصر أحشاءنا نحن.

أخشى الكلام. الهواء منعش، والسماء حانية كأنّها تصغي إلينا. أظنّ أنّني أتحدّث إليها وأنّك تكاد لا تسمع ما أقول.



في ساعةٍ تحلم فيها السحالي بأنّها أسماك، ولا تملك فيها الأحجارُ من يواسي وحدتها.

ما حُكْمُكَ على رجلٍ، أجابه جيوسيبّي، يُعلِنُ، في أواخر أيّامه، أنّ أسعد أيّام حياته هو اليوم الذي أقيمت فيه وليمة؟

‫ أليس في حياة البشر بهجة أرقى من بهجة الطعام؟ أليست سمة ملازمة لحياة بائسة؟

البلايا، يا دون جورجيو. اسأل ربّك لِمَ يبتلي الأرض أحياناً بالحرائق أو بالجفاف. أنا وباء، يا أبتي. لا أكثر ولا أقل! سرب جراد. زلزال، أو مرض مُعدٍ. أنقاض على أنقاض. أنا مجنون. مسعور. أنا الملاريا. الجوع

من أجلهم مَدَدتُ لك يدَ العون، لا لشيء آخر. من الآن فصاعداً أصبحتَ مُلزماً بسداد دَيْن. دَين تدين به لمن يحملون اسمك نفسه. وذات يوم، بعد عشرين عاماً ربّما، سيحين وقت السداد، عبر مدّك يد العون لأحد أفراد أسرتنا.

نولد، نموت، وبين الولادة والموت، ليس ما يُعوّل عليه، إلاّ أمر واحد. أنت وأنا، بمفردنا، لسنا بشيء. ولكن آل سكورتا، آل سكورتا، هم كلّ شيء.

«أنتَ لا شيء يا إيليّا، وأنا لا شيء. المهمّ هو العائلة. من دون العائلة تموت ويستمرّ العالم في دورانه غير آبهٍ لموتك.

أفكّر في الربّ ولا يكفي الإيمان بحِلمِه لكي يُبرئني من ألمي.

وخَبرَ الألم، أن يبقى وحيداً، بلا جدوى.

كلّ الوجوه أصبحت غريبة. ولا تدري من أين جاء العالم الذي يُحيط بها، كأنّه ولدَ فجأة من لا شيء. لم تعد جزءاً منه.

فقط في آخر يوم من حياة المرء يمكنه القول إذا عاش سعيداً أم لا. قبل ذلك عليه بالسعي قَدرَ المستطاع. اتبع طريقك، يا إيليّا. لا أكثر.

فلم يجد أقلّ العزاء في شيء. كأنّما بُترت أصابع يده.

ألا ترى: في ختام حياةٍ بأكملها، أحفظ تلك الذكرى على أنّها الأجمل بين الذكريات كلّها، ألا يجعل منّي ذلك الكائن الأشدّ بؤساً بين الكائنات؟..

لقد تجرّع هذا الصبيّ حزنَ العالم كلَّه.

‫

كان أبسط الحلول هو أن تموت – وهذا ما فعلته، ذات يومٍ مكفهرّ من أيّام أيلول.

اريد افهمك