اقتباسات من كتاب استرد حياتك من الإنترنت

ومن مزايا الديتوكس التكنولوجي ترشيد الانفعالات واستعادة قدرتك على مقاومة المتع الفورية، حتى إن كانت ضارة على المدى البعيد.

مدمني التكنولوجيا يصبحون عاجزين عن اتخاذ القرارات السريعة، بفعل طوفان التفاصيل غير الضرورية التي تملأ عقولهم، وحين يحتاجون إلى التركيز ليتخذوا قرارًا يصيبهم الارتباك والشلل.

يعيق التدفق المستمر لمحتوى الصفحات والمنصات إلى العقل تخزين المعلومات المهمة الجديدة واستعادة القديم منها عند الحاجة.

يمتلئ عقلك بالمعلومات بما يفيض عن سعته وهو الثمن الباهظ الذي تدفعه جراء إدمانك؛ إذ إن عقلك بهذه الطريقة لا يجد الفرصة أبدًا لإعادة شحن طاقته، فالأمر أشبه بأن تسعى إلى إطفاء ظمئك بالشرب من خرطوم المطافئ الضخم!

مدمن وسائل التواصل الاجتماعي الذي لا تمر دقائق إلا ويتفحص حساباته على الشبكات الافتراضية، لا يصبح قادرًا على استكمال محادثة جادة في ظل انسحابه المستمر للنظر في شاشة هاتفه، ومن المنطقي أن يجد طرف المحادثة الآخر تلك التصرفات نوعًا من الوقاحة.

من المعتاد أن يواجه مدمنو استخدام الإنترنت صعوبات بشأن الذاكرة قصيرة المدى، وهو ما لم يستطع العلماء التوصل إلى سببه المباشر بشكل قاطع، ولكن شكوكهم اتجهت نحو تغيراتٍ تحدث في بنية المخ.

لاحظوا أن بعض الاختلالات التي ظهرت في الكبسولة الداخلية للمخ أو ما يُطلَق عليه المحفظة الغائرة، قد أثرت سلبًا على الوظائف المعرفية للمخ وأعاقت تنفيذه لوظائفه ومنها عمل الذاكرة.

فكل مرة يشتتك أحدهم بسؤال مفاجئ أو تشعر برغبة مفاجئة في تصفح الفيسبوك وتستجيب لها، يتعثر المخ ويتوقف استرساله فيما تفعل، وهنا يحتاج إلى نحو ٢٠ دقيقة ليستعيد تلك الحالة التي كان عليها قبل استجابتك لعنصر التشتيت!

يرى الناس دائمًا أنّ التركيز قدرة بديهية مثل التنفس، نستطيع أن نتحكم بها وقتما نريد، ولكن الواقع أن السلوك القهري الذي يدفعنا لإدمان وسائل التكنولوجيا يأكل من تلك القدرة بالتدريج.

فوسائل التكنولوجيا تُمثّل اختيارًا مثاليًّا لأصحاب الشخصيات الإدمانية، فكما أشرنا سابقًا تُحفّز النقرات البسيطة على تطبيقاتك المُفضّلة في الهاتف الذكي إفراز الدماغ للدوبامين، ومن ثمَّ الحصول على إشباع سريع لرغبتك في الشعور بالإثارة، كما أنها قانونية تمامًا ولن تجلب لك المتاعب

كلما ازدادت الأوقات التي تقضيها وحيدًا منعزلًا عن الآخرين تضاعفت رغبتك في البحث عن التسلية والتفاعل والقبول من خلف الشاشات، وتقودك العزلة الاجتماعية بذلك تدريجيًّا إلى الإدمان التكنولوجي.

أما إذا بلغ الميل ٦٠ درجة سيتحمل العمود الفقري حينها ٢٧ كيلو جرامًا هي وزن الرأس في هذا الوضع! وبعد الانتشار الكاسح لأجهزة الهواتف الذكية أصبح جميع الناس تقريبًا أسرى لهذا الوضع المائل أوقاتًا طويلة ليتمكنوا من التحديق في شاشاتهم،

أظهرت الأبحاث أن مدى انتباه الإنسان المعاصر قد أصبح أقل من سمكة الجولد فيش! ففي عام ٢٠٠٠ بلغ ذلك المدى اثنتي عشر ثانية، في حين في الوقت الحالي لا يبلغ مدى انتباه الفرد منا ثماني ثوانٍ قبل أن يتشتَّت

فرَض توغُّل شبكة الإنترنت في حياتنا ضريبةً اجتماعيةً فادحة كما يؤكد الخبراء؛ حيث أدى إلى تآكل الوقت الذي نقضيه مع أصدقائنا وذوينا، بل إلى تغيير طبيعة تواصلنا مع الآخرين، وإعاقة قدرتنا على توصيل الأفكار.

إننا مبرمجون على أن عقولنا تتغذى أكثر على المثيرات السلبية، وتلك البرمجة تثير فينا الخوف والقلق؛ فنندفع بشغف أشدّ إلى البحث عن الأخبار والسقوط في النهاية في بئر الإدمان، تلك الاستجابات الإدراكية لدينا تُدركها إدارات المنصات الإخبارية جيدًا، وتسعى لاستغلالها

فالعلماء قد اكتشفوا أن التعرض المستمر لصفحات التواصل؛ مثل فيسبوك وتويتر يؤدي إلى تغيرات كيميائية في الدماغ، ويؤثر على معالجة المشاعر الصادرة عنه، ويُسبِّب إجهادًا

فبذات الكيفية التي جاء بها تركيب المخدرات كالهيروين، صُممت تطبيقات التواصل الاجتماعي لتجعلك لا تستطيع مقاومة الحاجة إلى تصفحها باستمرار.

تصفح البريد الإلكتروني والرسائل النصية SMS وتطبيقات التواصل الاجتماعي، يتسبَّب في إفراز الدوبامين من الدماغ بما يماثل ما تفعله المقامرة بالمال

التوقُّع المسبق للعقل بأن الانخراط في نشاطٍ معين سوف يؤدي إلى مكافأةٍ أو بتعبيرٍ أقرب إلى متعة وفي الغالب لا تكون تلك المكافأة (المتعة) قيمة إيجابية واضحة أمام عيني المدمن، بل إنها تتمثَّل أحيانًا في شيء غير متوقَّع.

فمن الصحي ألا تجد ما تفعله وتشعر بالملل أحيانًا، فمن ذلك الشعور قد تُولَّد الأفكار الإبداعية